رمضان 2021

روحانيات وتراث وبهجة.. كيف يستقبل الليبيون شهر رمضان المبارك

منار الكيلاني – وكالة AAC  الإخبارية 

تزخر ليبيا بالتنوع الثقافي في أرجائها الفسيحة، لكن الجميع يتفقون على حفاوة استقبال شهر رمضان المبارك،  من خلال مظاهر احتفالية يشترك فيها الجميع في الغرب والشرق والجنوب، تتنوع بين العادات والتقاليد المتشابهة والروحانيات والفلكلور. 

تبدأ الاحتفالات من منتصف شهر شعبان، حيث تنطلق العائلات الليبية إلى الأسواق تشتري لوازم شهر الصيام، كشراء الأدوات المنزلية والبهارات للأطعمة والبقوليات والسجّاد الجديد لغرف إستقبال الضيوف بالمنزل أيضا شراء مواد تحضيرالحلويات التي تعدها نساء العائلة لسهرات ما بعد التراويح. 

ومع اقتراب حلول شهر رمضان تبدأ الأسرة في شراء اللحوم بكميات كبيرة، خصوصا اللحم الوطني رغم غلاء أسعارها أو ذبح خروف أو خروفين حسب القدرة المالية التي تختلف من عائلة إلى أخرى.

هلال شهر رمضان

ليبيا مثلها كمثل أي دولة إسلامية في أداء المناسك الرمضانية، ففور الإعلان عن رؤية هلال شهر رمضان المبارك يبدأ الناس بالاعتكاف في المساجد وقراءة القرآن الكريم وتدب الحركة والنشاط في شوارع وأحياء المدن الليبية بلا استثناء.

خلال شهر رمضان تعج المساجد بالمصلين أي يستقبل الليبيون هذا الشهر المبارك مثلهم مثل باقي عموم المسلمين في العالم، حيث ينتظر الليبيون قدوم هذا الشهر الفضيل بفارغ الصبر ويستقبلونه بالتكبير والتهليل.

 وخلال الشهر المبارك تنشط الطقوس الاجتماعية المصاحبة لهذا الشهر منها الزيارات العائلية، وإعداد الإفطار سويا في بيت العائلة.

وخلال أيام رمضان الشعب ينقسم جزئين منهم من يحب الخروج بالنهار لإنهاء المشاوير بينما البعض الأخر يفّضل الخروج بعد التراويح لشراء ما تتطلبه الأسر من مواد غذائية واحتياجات يومية.

ويتسابق الناس في هذا الشهر الفضيل، على برامج التوعية والتثقيف الأسري، التي تقيمها الجمعيات الخيرية المنتشرة في ليبيا، وعن هذا الجانب تقام في هذا الشهر الكريم موائد الرحمن في جميع مناطق ليبيا بمبادرات من جمعيات أهلية وبعض النوادي، هذا بالإضافة إلى الشركات من أجل إطعام المحتاجين وعابري السبيل. 

والجدير بالذكر بأن موائد الرحمن في هذه الايام أصبح الكثير من الليبيين يتوافدون إليها بسبب الفقر الذي حل بالكثير من الأسر نتيجة الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد.

ويعتبر شهر رمضان بالنسبة للأسر الليبية شهر التلاقي والتسامح والبركة والإيمان ويجتمع فيه الأولاد يومياً (اللمة) في منزل الوالد لتناول طعام الإفطارسوياً مع العائلة طوال الشهر الفضيل، حيث أن الليبيين يحرصون في شهر رمضان على زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء.

رمضان والمائدة الليبية

يبدأ إفطار الليبيين في ليبيا على الحليب مع التمر بصفة عامة، بينما الكثير من العائلات أيضا يقومون بتحضير طبق من الحلويات بجانب التمر والحليب واللبن الرائب والقهوة والعصائر حسب رغبة كل فرد في العائلة لـ “تحليل الصيام.”

ثم يتم أداء صلاة المغرب ومن ثم العودة إلى الإفطار.

وتزخر المائدة الرمضانية الليبية بأصناف وأطباق كثيرة وتختلف الوجبة الرئيسية من أسرة إلى أخرى وتعد أكلة (البازين) وهي أكلة شعبية ليبية من الأطباق الخاصة التي يقبل عليها الليبيون في رمضان، وهناك أكلات أخرى ومنها الكسكسي ، الأرز بلحم الخروف، مكرونة المبكبكة والبوريك، ولا تخلو أية مائدة ليبية غالباً من الشوربة الليبية “الشربة العربية” وهي تأكل طوال أيام رمضان شوربة الخضروات البيضاء “البرودو”.

 وهناك أيضا البطاطا المبطنة والعصبان ورز بالخلطة ومكرونة بالخلطة والمكرونة المبكبكة، أما عن أشهر أطباق الحلويات التقليدية الكعك، الغريبة، القرينات ، والمعسلة ، والبسبوسة.

كما أن هناك المشروبات الرمضانية التي تقدم على مائدة الإفطار، مثل “عصير قمرالدين” ويعتمد المجتمع بالدرجة الأولى على العصائر الطبيعية مثل البرتقال والليمون والفراولة والموز وغيرها من الفواكه.

بيوت الله في رمضان

تتضاعف أعداد المصلين في المساجد وتمتلئ بهم رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً وخصوصاً لإحياء صلاة التراويح.

أيضا يؤدون صلاة التهجد في العشر الأواخر من شهر رمضان ، بالإضافة إلى الاعتناء الكبير بالروحانيات من قبل الليبيين ومنها اقامة حلقات المديح يومياً في المساجد.

وهناك فئة أخرى تمضي أوقات الليل اعتكافا في قراءة القرآن وختمه على روح من توفي لهم إن وجد. 

تراثيات تقليدية

تطوف الشوارع أحياناً حفلات الفرق والرقصات الشعبية وحفلات الفن الشعبي من خلال الرقصات وإقامة المعارض الشعبية التي تحوي التراث والأكلات الشعبية.

ومن العادات المتعارف عليها في رمضان في ليبيا أن يقوم الأهل بارسال تشكيلات من الأكلات المجهزة للإفطار مع الأطفال ليتذوقها الجار وتسمى (الذّوقه) ويكون وقت ارسالها قبيل آذان المغرب ببضع دقائق.

من الموروثات التراثية العربية والاسلامية التي تعود إلى مدينة طرابلس وضواحيها كل عام بداية الشهر الفضيل هي مدفع رمضان. 

أيضا من التقاليد المتداولة هي شراء أو تحضير السفنز الليبي والذي يسمى أيضا السفنج في تونس والجزائر، وهي حلويات شعبية تعجن بالدقيق والزبدة وقليل من الملح وتقلى بشكل دائري مغلق من الوسط في كثير من الزيت حتى تنضج بانتفاخ أطرافها وجفاف وسطها وتؤكل ساخنة مع العائلة وضيوف رمضان بعد أن تغمس في سكر غير مطحون أو في عسل أو دبس التمر المسمى في ليبيا رب التمر.

من منتصف شهر رمضان المبارك تبدأ محلات الملابس النسائية ومحلات الأطفال بالازدحام بالعائلات لشراء ملابس العيد، وتفتح المدن المحلات إلى الفجر على غير عادة الليبين.

حلويات العيد

تجتمع نساء الأسرة لصناعة حلويات العيد التي تحتوي في الغالب عدة أنواع أهمها:

المقروض ويصنع من السميد ويحشى بالتمر ويقلى أو يشوى ويغمس عند التقديم في العسل المصنوع من السكر والليمون.

الغريبة وتلفظ هكذا “غْرِيِّبَة” وتصنع من الدقيق الأبيض والزبد وتشكل بهيئة دائرة مغلقة من الداخل.

الكعك ويصنع من الدقيق وهو أنواع:

كعك “باسل” أي من غير ملح أو سكر وهو خاص للشاي والقهوة

كعك حلو ويقدم للضيوف مع العصير

كعك محشو بالتمر أو الحلقوم.

احتفالات العيد

معظم العائلات تكون مستيقظة طوال ليلة العيد وتكون المساجد جميعها تشغل التكبير

فيها يلبس الأطفال ملابس وأحيانا ينامون بملابس العيد من شدة تعلقهم بها ويسهر الكبار حتى وقت صلاة العيد حيث تجهز النساء البيت والحلويات ويعاد ترتيب البيت لاستقبال الضيوف ووفود المهنئين

رمضان في ليبيا شهر كرم وضيافة وعبادة وصلة للأرحام.

زر الذهاب إلى الأعلى