القاهرة – عبد الغني دياب
أزمة خانقة تلوح في الأفق تنذر بثورة جياع قد تواجهها حكومة فائز السراج، غير الشرعية، خلال الفترة المقبلة، حال استمرارها في تجاهل مشكلة نقص الخبز التي تتفاقم يوما تلو الآخر في المدن والبلديات الليبية، والتي لم تفرق بين الحضري منها والبدوي، وهو ما دعا خبراء للتحذير من خطورة الوضع.
وعلى الرغم من امتلاك ليبيا لمخزون نفطي ومعدني ضخم، يقدر بأنه الأعلى في أفريقيا إلا أن المدن التي تسيطر عليها حكومة الوفاق، لا يجد سكانها الخبز، إضافة لغرق هذه المدن في فوضى أمنية، وانقطاع الكهرباء، مما ينذر بانفجار شعبي.
الحكومة الموالية للأتراك والتي تدعي زورا دفاعها عن مفاهيم الدولة المدنية، تتناسي أبسط قواعد الحكم المدني، الذي يحمي مؤسسات الدولة، فمع كل مشكلة تظهر في الغرب الليبي تطل الميليشيات الإرهابية برأسها من جديد، لتبرهن أنها السبب الرئيسي في معاناة الليبيين.
آخر الأزمات التي يدفع ثمنها الليبيون، كانت حاضرة في طوابير الخبز الممتدة أمام أبواب المخابز في طرابلس وما حولها من المدن، إذ أعلنت نقابة الخبازين وأصحاب المخابز في طرابلس، منذ أيام، الإضراب عن العمل حتى التوصل لحلول للأزمة، فيما بات توفير الخبز في العاصمة الليبية أمرا عسيرا على سكانها.
ولاحقا، دخلت المخابز في مفاوضات مع الحكومة، لتفتح أبوابها لكن بسعر جديد، أعلى مما كان في السابق، مما أثار تذمرا كبيرا بين السكان.
ورغم تحكم حكومة السراج العميلة لتركيا في مقدرات وثروات ليبيا، إلا أنها تعجز عن توفير الخبز والكهرباء للمواطنين، وسط اتهامات بالفساد تلاحق أكبر رأس في الحكومة التي تحصل على شرعية البرلمان، ولا سيما في ملف توريدات السلع.
وفي محاولة لإلقاء التهمة على غيره حاول السراج تحمّيل المصرف المركزي مسؤولية عدم تقدير الأولويات والحاجات، مقابل اعتمادات ضخمة تصرف لسلع غير مهمة، وكأن المؤسسة المصرفية هي المخولة بهذا القضية وليست حكومته، التي تعرف احتياجات مواطنيه.
وقال السراج في رسالة وجهها قبل أيام إلى محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، إن “نفاد مخزون القمح يعني دخول البلاد في أزمة غذائية”.
وأقر السراج بالنقص الشديد في مادة الدقيق، مما ينذر بدخول البلاد أزمة جديدة.
لكن الصديق الكبير رد بأن الأزمة تعود إلى التهريب، مطالبا السراج بالتحرك إزاء الأمر.
ويرى مراقبون أن السجال بين السراج والكبير، مردها إلى سيطرت الميليشيات على الأوضاع في الغرب الليبي، حيث أنفقت هذه الأموال على المرتزقة السوريين، الذين تظاهروا خلال الفترة الماضية بسبب تأخر صرف رواتبهم، إضافة لاستيلاء الميليشيات على عوائد النفط.
وخلال الأسابيع الماضية تظاهر مرتزقة سوريون في مقر كلية الشرطة بطرابلس، بسبب تأخر رواتبهم، وهو ما فسره مراقبون بمحاولة الوفاق استرضاء هذه المجموعات على حساب المواطنين، خصوصا وأن هذه الخطوة تأتي في ظل انقسام حاد بين قادة الحكومة الغربية، انسحب تباعا على موقف الميليشيات التي انقسمت فيما بينهم حسب ما تقضيته مصلحة ونفوذ كل منها.
ويقول خبراء إن الأزمة برمتها ليست مالية لكنها سياسية، حيث أن الخلافات دائماً ما يدفع ثمنها المواطن المغلوب على أمره.
لا تتوقف الأزمة عند سرقة أموال الخبز الخاصة بالمواطنين لكنها تمتد لعمليات قتل على الهوية، وحرق منازل كان آخرها في مدينة صبرات وسبتها ترهونة وبعض المدن التي تسيطر عليها الميليشيات.
ويرى مدير مركز الأزمة الليبي للدراسات، محمد الأسمر، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الوضع في ليبيا “متصل ببعضه البعض، إذ لا ينفصل الوضع الاقتصادي عن حالة التردي الأمني والسياسي التي يعيشها البلد”.
ويعتبر الأسمر أن أزمة الخبز هي إحدى الأزمات الناجمة عن تداعيات الفساد المستشري، مشيرا إلى المماطلة في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية العاجلة، وهذا أدى إلى العجز عن توفير مواد أساسية كمادة الدقيق، وبالتالي ارتفاع سعر رغيف الخبز.
ويرى من بين أسباب الأزمة “عدم فتح اعتمادات لشركات حقيقية، مع فتح اعتمادات لشركات تسيطر عليها الإخوان والميليشيات، ولا يتم توريد تلك السلع إلا بكميات قليلة، حتى وإن تم توريدها بكمياتها الطبيعية يتم بيعها بالسوق الموازية بأسعار مرتفعة”.
ويتوقع الأسمر ألا تجد حكومة السراج حلولا ناجعة في ظل السياسات الحالية، وقال: “الوضع الآن ذاهب للتفاقم والأزمة ستكون حادة”.