
الأزمة الليبية من عام 2011 وحتى اليوم تمضي في مسار سياسي خاطئ من حيث طرح ومعالجة القضية ،وهو الأمر الذي تسبب في المشهد السابق والحالي وسوف يستمر في المشهد المقبل والقادم ،إذ أصرت الأمم المتحدة على السير في نفس الطريق ،فعندما تتمسك بأخطاء الماضي وتنتظر نتائج مختلفة فهي تريد استمرار الفوضى وتمكين الميلشيات وهذا ما حدث في ليبيا عام 2015 عندما أصرت الأمم المتحدة على تمكين أطراف رفضها الشعب الليبي في انتخابات عام 2014 ،وجاءت باتفاق الصخيرات الذي فرضا على الشعب الليبي من منتجع الصخيرات بالمغرب عام 2015 ،وبموجبه تم تمكين السراج من مفاصل الدولة بعد أن أصبح رئيسا للمجلسين الرئاسي والوزراء ،كما أنها أعادت مجلس الدولة الاخواني إلى المشهد والسلطة من جديد وقلصت دور مجلس النواب المنتخب من الشعب ،لذلك كانت النتائج الطبيعية هي دخول المرتزقة والدواعش والأسلحة إلى طرابلس ومصراتة وباقي مدن الغرب الليبي بمعرفة السراح الذي منح قطر وتركيا إدارة العملية السياسية والاقتصادية والعسكرية في ليبيا ، فالمجلس الرئاسي استقال معظم أعضائه اعترضا على سياسيات فايز السراج ، ولم يبقى إلا هو ، ومع ذلك غضت الأمم المتحدة الطرف عن شرعية السراج ،لذلك استطاع فتح الباب على مصراعيه لجماعة الإخوان الإرهابية بقيادة أردوغان لتعبث بثروات الشعب الليبي وتقتل أبنائه وتحارب قواته المسلحة ،وتجعلنا أمام مشهد غير مسبوق في تاريخ ليبيا ،هذا ملخص مقتضب لما حدث بعد اتفاق الصخيرات .
واليوم تأتي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز لتحاول حل الأزمة في ليبيا بنفس المفردات السابقة لغسان سلامة ومارتن كوبلر و برناردينو ليون و طارق متري و إيان مارتن و عبد الإله الخطيب ،ولذلك أؤكد أن النتيجة ستكون واحدة وهي فشل الحوار في إيجاد حل ولو وجد الحل سوف يفشلون في تطبيقه ،لان الحل أتي من خلال غير الفاعلين في المشهد .
ويتجدد الحديث القديم في البحث عن مبعوث أممي جديد ،وكان هذا المبعوث سوف يأتي بالعصا السحرية لحل الأزمة الليبية على الرغم من أن أجندة الأمم المتحدة واحدة لم تتغير تجاه الحل في ليبيا من عام 2011 وحتى اليوم،فالدول المعرقلة موجودة والدول المؤثرة على القرار الاممي موجودة وكذلك أساليب الطرح والمعالجة كما قلت تتوقف على المتطرفين ومن يدعموهم .
الأمم المتحدة اليوم تحاول أن تتنصل من الأطروحات الفاشلة وخاصة الملف السياسي الذي تداولت جلسات في تونس وحتى تحفظ المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز ماء وجهها أعلنت عن انتخابات في 24 ديسمبر عام 2021 بطريقة عشوائية غير مسبوقة ،فكيف نعلن عن انتخابات ونحن حتى اليوم لم نتفق على من يدير المرحلة الانتقالية ،وهناك خلافات ومناوشات وصلت لحد الاتهام بالرشاوى بين المشاركين.
ثم جاءت الأمم المتحدة لتعلن عن قرب تعيين مبعوث جديد للدعم خلفا لغسان سلامة ،وكأن هذا المبعوث يحمل العصي السحرية ولدية كلمة السر في الحل ،وسبق هذا الإعلان تهديد صريح من مجلس الأمن في اجتماع عقد الأسبوع الماضي ، و ضم 15 عضواً، بفرض عقوبات تصل إلى تجميد للأصول أو حظر للسفر على الأفراد أو الكيانات، الذين يعرقلون الحوار السياسي الذي ترعاه بعثة الأممية المتحدة في ليبيا.
وفي النهاية أقول على الرغم من أن إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن تعيين ، البلغاري نيكولاي ملادينوف، مبعوثاً جديداً إلى ليبيا، بمثابة بلونه اختبار للرأي العام ليحل محل غسان سلامة الذي استقال في مارس الماضي،إلا أن سجل نيكولاي ملادينوف في العراق وأفغانستان والكيان الصهيوني يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يواصلان السعي في طريق للوصول بالشعب الليبي إلى الهاوية .
نقلا عن الموقف الليبي