خاص- وكالة AAC الإخبارية
ما أن كادت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، تشرع في تنفيذ مهام عملها بالمطالبة بضرورة خروج كافة المرتزقة الأجانب من البلاد، لتبدأ معها حملة إخوانية شرسة للمطالبة بإقالة الوزيرة من منصبها، والمطالبة بتعيين وزير خارجية موالي لجماعة الإخوان ومقرب من تركيا، لكن هذه الحالة العدائية لم تدم طويلا فسرعان ما انخرطت الوزيرة في صفوف الواقفين على حافة الوطن الموالين للمجموعات المسلحة.
بعد أقل من ستة أشهر تقريبا من الهجوم الشرس على الوزيرة، انقلبت الآية، وتحول الهجوم لدفاع مستميت، من قبل مجموعات الإخوان المسلحة، وكتائبها الإلكترونية، فبعدأن غيرت الوزيرة جلدها وباتت من المصطفين بجوار الميليشيات والموالين للاحتلال التركي، تحولت منصات الجماعة للدفاع عنها.
الأمر لم يكن صدفة، لكن الوزيرة التي كانت تطالب بإجراء الانتخابات في موعدها وخروج المرتزقة الأتراك، جاء اليوم الذي تقول فيه إن الانتخابات ستسبب حربا أهلية في البلاد، وأن حكومتها مستعدة لتسليم مواطن ليبي للولايات المتحدة، مقابل التفاهم حول ملف الانتخابات.
تصريحات الوزيرة الذي اعتبرها البعض تخلي واضح وتفريط في السيادة الوطنية وسعى لتحقيق مكاسب شخصية من خلال الحصول على التأييد الأمريكي، لحكومة الدبيبة، التي تقف عاجزة أمام الضغوط الدولية، المطالبة بإجراء الانتخابات في موعدها
هذا التحول السريع يطرح سؤالا هاما عن السبب الذي يجعل ميليشيات الإخوان تستميت في الدفاع عن المنقوش على الرغم من الهجوم السابق عليها؟.
وأثارت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش أزمة كبيرة خلال الساعات الماضية، بعدما أدلت بتصريحات بشأن اعتزام حكومتها تسليم مسؤول المخابرات الليبي السابق أبوعجيلة مسعود للولايات المتحدة الأمريكية والمتهم في حادث تفجير طائرة أمريكية فوق لوكربي الاسكتلندية عام 1988.
المنقوش التي أطلت في مقطع فيديو عام 2011 وهي ترتدي الحجاب في ذلك الوقت، لتؤكد أنها عملت كناشطة إعلامية لتغطية حوادث ثورة 17 فبراير في مدينة بنغازي، وحاولت التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية لنقل ما يحصل في المدينة، سوقت لنفسها على أنها ناشطة في المجتمع المدني تحاول خدمة الثورة وقضيتها من خلال وابل من التصريحات الحنجرية التي حاولت من خلالها كسب التأييد والزخم المحلي، لاسيما في ظل إجادتها للغة الإنجليزية والحديث الإعلامي إبان دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية، ما جعلها تستطيع تأدية المسرحية بشكل متميز أوصلها لأن تتولى حقيبة الخارجية في حكومة الدبيبة.
ومع وصول المنقوش لمنصبها في الوقت الذي تمر البلاد بوقت خطير وحساس، عقب التوصل لوقف إطلاق النار، والمساعي الرامية لتوحيد البلاد وتحقيق المصلحة الوطنية، سعت أستاذة القانون الجنائي لكسب أكبر قدر ممكن من التأييد المحلي، فسارعت إلى دعوة تركيا لخروج المرتزقة ومقاتليها الأجانب، ما جعل مؤشراتها تتعالى في الداخل، إلا أن تلك الدعوة تبعها حالة من الجمود وعدم التحرك لحل هذه القضية بشكل فعلي، والاكتفاء بتصريحات حنجرية جعجاء لا تثمن ولا تغني من جوع.
فوزيرة الخارجية التي ذهبت هنا وهناك، وخرجت في رحلات خارجية لم تؤتي بأي ثمار سوى أن خسرت الدولة المزيد من ملايين الدينارات، تركت القضية الأهم لتحقيق الاستقرار والأمن في البلاد والمتمثلة في خروج المرتزقة دون أن تحاول دفع المجتمع الدولي وحثه على ممارسة ضغط على أنقرة من أجل إخراج قواتها واكتفت بتصريحات فارغة، والتي كان آخرها في نهاية الشهر الفائت حينما قالت إن إن استقرار البلاد مشروط بخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، ما عكس تخليها عن عباءة الناشطة التي حاولت الظهور بها خلال السنوات الماضية، من أجل تحقيق مصالحها ومصالح حكومتها.
وسارعت المنقوش إلى محاولة كسب التأييد الدولي لعرقلة الانتخابات المقررة نهاية ديسمبر المقبل، لما في ذلك من مصلحة لاستمرارها واستمرار حكومتها، وتنفيذا لأجندة الغرب ورئيس حكومتها عبد الحميد الدبيبة الذي يرغب في الاستمرار في منصبه لأكبر فترة ممكنة.
ووفقا لعدة تقارير، فقد عرضت المنقوش مؤخرا مبادرة لتأجيل الانتخابات على الحاضرين في مؤتمر دعم استقرار ليبيا الذي جرى تنظيمه في طرابلس، متعللة بأن البلاد ليست مهيئة لإجراء الاستحقاق الانتخابي، وهناك بعض الأمور التي لا تزال بعيدة عن الإنجاز لتحقيق نجاح الانتخابات، في مخالفة واضحة وبعكس التصريحات التي تتغنى بها ليلا نهارا بشأن أهمية إجراء الانتخابات في موعدها، تأكيدها على تجاوز كافة النقاط الخلافية من أجل إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد.
وفي خطوة فجة ونكراء تعكس غياب المصلحة الوطنية والسعي وراء تحقيق المصالح الشخصية، بعيدا عن سيادة الوطن واستقلاليته، أكدت المنقوش الأربعاء الماضي خلال تصريحات مع شبكة “بي بي سي” البريطانية، أن الحكومة تنوي التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لتسليم المطلوب في قضية لوكربي، وأن الحكومة الليبية تتفهم ألم وحزن أسر ضحايا الحادث.
تصريحات المنقوش والتي فيها تضحية واضحة بمسؤول المخابرات الليبي السابق أبوعجيلة والمطلوب لدى وزارة العدل الأمريكية منذ ديسمبر الماضي، أثارت غضبا كبيرا تجاهها، لاسيما وأن فيها نوع من التضحية بمواطن ليبي -بما له وما عليه- من أجل كسب رضا وتأييد الولايات المتحدة في المشروع الحكومي الخبيث الرامي لعرقلة إجراء الانتخابات، والبقاء في السلطة لأكبر فترة ممكنة، وإغراق البلاد في مشكلات وصراعات تجعلها بعيدة عن مسارها الديمقراطي، والوصول إلى انتخاب سلطة تقود الدفة وتحقق الوئام بين مختلف الأقاليم.