ليبيا

محمد فتحي الشريف يكتب.. نصف الحكاية.. ليبيا تقطر دما (1-1)

من استقرار إلى تمزق وفوضى، من سيادة في القرار الداخلي والخارجي إلى تنفيذ أجندات إرهابية مسعورة من مستعمرين جدد، من رغد في العيش إلى معاناة وفقر، ومن بناء وتنمية وعمار، إلى هدم ودمار وخراب، ومن خطط تعليمية لمواكبة العالم إلى مناهج تخدم أجندات متنوعة، هكذا هو حال الشعب الليبي بين عامي 2011 إلى 2020، ومن ينكر على ما أقوله فالواقع خير بيان ودليل والصور واللقطات لا تكذب.
 
أسئلة نعرف إجابتها
هل كنت تصدق في يوم من الأيام أن يكون هناك ليبيون مهجرون ونازحون داخل وخارج الوطن مزقنهم الحروب وحلت بهم النوائب؟، هل كنت تصدق أن يكون هناك جيوش من المرتزقة الأجانب يقتلون أبناء الشعب الليبي ويقبضون الثمن؟، هل كنت تصدق أن يتم إقرار تدريس اللغة الإيطالية، لغة آخر احتلال للدولة الليبية في مدراس طرابلس بشكل رسمي؟، هل كنت تصدق أن يشرف على التدريبات العسكرية في ليبيا الأتراك؟ هل كنت تصدق أن يتحكم في الغرب الليبي مجموعة من إرهابيي حقبة الثمانينيات والتسعينيات من العائدين من أفغانستان وغيرها؟، هل كنت تصدق أن يحرس المنشآت النفطية (قوت الشعب) جيش جرار، في حين كانت يحرسها في الماضي عدة أفراد مدنيين؟، هل شاهدت العبث بالنهر الصناعي، والمنشآت النفطية من مجرمي الميلشيات؟، هل كنت تتوقع أن يتم تصوير فيلم واقعي عن قطع الرؤوس وسفك الدماء وبثه على الهواء في مشهد وكأننا في زمن الجهل والتخلف وعصر ما قبل الإسلام، لقد حدث في ليبيا عند إعدام الأقباط المصريين في سرت؟ هل كنت تصدق أن يتم إعدام المعارضين في درنة في ملاعب كرة القدم؟ هل كنت تصدق أن تتحول أغلب المدن الليبية إلى مدن أشباح؟ هل كنت تصدق أن يتم رصد مئات المليارات لإعادة الإعمار ودفع فاتورة حرب عشر سنوات؟ هل كنت تصدق أن يكون الآمر الناهي في ليبيا موظف في الأمم المتحدة؟ وهل وهل وهل؟؟ مشاهد وكوارث تحتاج إلى مجلدات وملايين الأسئلة المعروف إجابتها الآن وهي نعم ونعم لقد شهدت وعشت وصدقت أن هذا هو الوضع الذي يعيشه أبناء ليبيا من عشر سنوات.
في ظل هذا المشهد المؤلم، كانت هناك بوادر أمل وكانت هناك صفحات بيضاء ناصعة البياض يكتبها أبناء الوطن الذين وقفوا بالمرصاد لكل هؤلاء المتآمرين، ويأتي على رأس هؤلاء الوطنيين أبناء القوات المسلحة العربية الليبية، وأعضاء مجلس النواب غير المؤدلجين ومن غير أنصار التيار الإسلامي وهم لا يتجاوز عددهم 15% من قوام هذا البرلمان، فعلى الرغم من أن الفرص كانت ضعيفة للغاية قبل عام 2014، حيث كانت جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية متحكمين في المشهد بشكل كامل، إذ أقصوا أنصار النظام السابق من المشاركة، كما أنهم فصلوا قانون الانتخاب على مقاس جماعتهم الإرهابية وأنصارهم فقط، ومع ذلك كان للشعب الليبي العظيم رأي مختلف في اختيار ممثليه، ونجحت القوى الوطنية على هؤلاء الإرهابيين بنسبة تجاوزت 80%، وهو الأمر الذي شكل لهؤلاء المتطرفين صدمة، فحاولوا إفساد المشهد الانتخابي، وأعطوا الأوامر لكل أنصارهم في الشرق والغرب بتعطيل هذا المجلس، فما كان من الوطنيين إلا أن اختاروا مدينة (طبرق) الهادئة، لعقد الجلسات حتى يتم إقرار قانون ببناء مؤسسة وطنية قوية تخلص ليبيا من الإرهاب والتطرف، ونجح البرلمان في مهد الجلسات في إعادة ترتيب القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير حفتر، لتبدأ ليبيا من خلال أبنائها منتسبي جيش الكرامة في محاربة الإرهاب والتطرف، وكان الجيش الوطني الليبي هو البداية الحقيقة لتحرير الوطن وذلك في عام 2014.
ونظرا لمحدودية مساحة النشر في صحيفة (الموقف الليبي) سوف أستكمل في المقال المقبل حديثي عن المشهد الليبي منذ بداية 2011 وحتى أختم بالمشهد الحالي الذي يؤكد أن نزيف الدماء لا يزال مستمرا وأن الطريق الوحيد هو مواصلة المسيرة نحو التخلص من الجماعات الإرهابية المسلحة في الغرب الليبي وبسط القوات المسلحة العربية الليبية سيطرتها على كامل تراب أرض ليبيا الطاهر.. فلا تزال ليبيا تقطر دما.

نقلا عن النسخة الورقية لصحيفة الموقف الليبي

زر الذهاب إلى الأعلى