مقالات

محمد فتحي الشريف يكتب.. الأزمة الليبية بين التطرف والمعالجات الخاطئة

خاص – وكالة AAC الإخبارية

الصحفي المصري والمتخصص في الشأن الليبي محمد فتحي الشريف يكتب..

الأزمة الليبية بين التطرف والمعالجات الخاطئة

 الانسداد الحالي في العملية السياسية في ليبيا أمر طبيعي ومتوقع، فلم تعمل أي جهة دولية سواء الأمم المتحدة من خلال بعثتها، أو المجتمع الدولي الراغب في استقرار البلاد بجدية على معالجة التحديات الأساسية وهي “قانون تنظيم الانتخابات (القاعدة الدستورية ) أولا، الاستقرار على المناصب السيادية ثانيا، إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية ثالثا، وتفكيك الميلشيات المتناحرة وتوحيد المؤسسة العسكرية رابعا.

التحديات السابقة لا تزال موجودة، ومع ذلك يغرد المجتمع الدولي بعيدا عن الواقع، ويؤكد في تصريحات وردية التصميم  على الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل.

وهذا الأمر  قد يعيد الأزمة إلى الوراء خطوات وخطوات، فما حدث خلال 11 عاما من الأزمة الليبية لا يزال مستمر بنفس المعالجات ونفس المفردات وفي النهاية نتوقع نتائج مغايره ،كيف ذلك ؟

لقد ظهرت خطايا الأمم المتحدة وتجلت في إدارة العملية السياسية منذ عام 2014 وحتى اليوم، إذ مهدت ومررت اتفاق الصخيرات الذي أبرم في المغرب عام 2015، وواصل المجتمع الدولي أخطاءه عندما تغافل عن التدخل التركي الواضح في طرابلس ومصراتة، وسيطر أردوغان على حكومة فايز السراج، وتم توقيع اتفاقات أمنية وبحرية مخالفة للقوانين والأعراف الدولية، واكتفت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بذكر عبارة التدخل الخارجي في الشؤون الليبية، حتى أن البعثة الأممية رصدت تجاوزات تركيا وخرقها لقرار مجلس الأمن بشأن حظر التسليح على ليبيا، إذ تم توقيف العديد من السفن التي تحمل الأسلحة والذخائر القادمة من أنقرة ولم يتحرك أحد، بالإضافة إلى انخراط تركيا بشكل واضح في عمليات تدريب الميليشيات المسلحة وجلب عشرات الآلاف من المرتزقة السوريين الذين شكلوا جبهات عسكرية مع الميليشيات وقوضوا الأمن والسلم، واستهدفوا الشعب ونهبوا الثروات.

وكانت تصريحات المسئولين الأتراك على مستوى مؤسسة الرئاسة ووزراء الخارجية والدفاع مستفزة للشعب الليبي والمجتمع الدولي، إذ تحدثوا عن تدخلهم وقيادتهم للمشهد من خلال قواعدهم في الغرب الليبي، وكانت هناك زيارات بشكل منفرد من المسئولين الأتراك للأراضي الليبية وصلت لدرجة انتهاك للسيادة، ودللت على سلوك تركيا الاستعماري، وكان حديث الأتراك عن ماضيهم في ليبيا أكثر استفزازا، إذ اعتبروا ليبيا إرثا لهم، كل هذا يحدث ومجلس الأمن والأمم المتحدة يكتفيان بالمشاهدة فقط، حتى أن البعثة الأممية كانت لديها كافة التفاصيل التي تؤكد دور تركيا السلبي.

هذا جزء من المشهد العبثي الذي عاشته ليبيا خلال الخمس سنوات التي منح المجتمع الدولي فيها الشرعية لاتفاق الصخيرات وفايز السراج الذي انفرد بالحكم وخالف كل قواعد الاتفاق وساعده في ذلك المجتمع الدولي والبعثة الأممية.

وليعلم الجميع أن المؤامرة الإخوانية الإرهابية التي تدعمها تركيا مستمرة و موجودة بقوة في المشهد، ولن تنتهي فصولها طالما هناك بعض من يديرون المشهد السياسي في ليبيا ويعملون لصالح تركيا، واعتقد أن جماعة الإخوان الإرهابية تسعى لاستخدام كل أسلحتها في المرحلة المقبلة حتى تظل باقية في المشهد ولا يحدث لها مثل ما حدث لها في مصر، ولذلك سوف تحشد كل أسلحتها لمواجهة أي استقرار سياسي أو أي احتكام للشعب من خلال انتخابات حرة.

لقد جربت الجماعة في السابق خوض الانتخابات البرلمانية وخرجت صفر اليدين بعد أن حصل أنصارها على أقل من 20% مقابل التيار الوطني، ومع ذلك ومن خلال التآمر استطاعوا عرقلة المجلس لفترات طويلة وفي النهاية أحدثوا به انقساما ولولا ضغوط المجتمع الدولي على التئام مجلس النواب لصالح العملية السياسية ما كان هناك التئام.

والآن تسعى الجماعة لتكرار نفس السيناريو القائم على الفوضى، من خلال الدفاع باستماتة عن بقاء المرتزقة التابعون للباب العالي في إسطنبول، في مشهد يظهر مدى كراهية هذه الجماعة أتباعها لكل ما هو عروبي ووطني، وانسحاقها أمام مد العثمانية الجديدة، الذي يخدم أهداف تنظيمها الدولي.

 لذا فإن أي تقدم ملحوظ للعملية السياسية ستكون الجماعة في مقدمة الرافضين لها، عبر العراقيل التي تتمثل مرة في المناصب السيادية، وأخرى في قانون الانتخابات، وثالثة في الدستور أولا أم الانتخابات، وإذا ما توفقت الأطراف على كل ذلك يخرج من الأدراج مطلب أن يكون الرئيس منتخبا من مجلس النواب، وليس من الشعب، وكلها مقترحات الغرض منها الأول هو التصدى لأي محاولة لبناء دولة قوية ذات سيادة.

وفي النهاية أقول إن جماعة الإخوان الإرهابية في الغرب الليبي لن تمرر العملية السياسية الحالية بنجاح لأن الذهاب إلى انتخابات في نهاية العام سوف يقود نفوذهم ويقتل أحلامهم.. حفظ الله بلادنا من خيانة وتآمر هؤلاء المجرمين الذين لا تمثل لهم الأوطان سوى حفنة من التراب كما قال مرشدهم.

زر الذهاب إلى الأعلى