منار الكيلاني – وكالة AAC الإخبارية
تتميز الجمهورية الاسلامية الموريتانية بطابع فريد وعادات وتقاليد متوارثة عبر الأجيال في شهر رمضان المبارك، وبالرغم من التطور الذي حدث في الدولة إلا أنها لا زالت متمسكة بطقوس وثقافات قديمة جدا.
موريتانيا حالها كحال سائر الدول الإسلامية في شهر رمضان به يعتكف الكثيرون من الصائمون على العبادات والمساجد وتقام المحاضرات الدينية فى غالبية المساجد، لكن تبقى العادات والتقاليد في هذا الشهر فهي مختلفة عن سائر الدول.
أبرز التقاليد المختلفة في موريتانيا هو زغبة رمضان وهو عبارة عن حلاقة شعر رأس الأطفال وأحياناً الكبار، ويترك شعر الأطفال دون حلاقة مع اقتراب الشهر الكريم، ثم يحلق بمجرد بدئه، ذلك اقتداءً بأفضلية هذا الشهر ولتحبيب الأطفال أكثر في هذا الشهر الكريم وارتباطهم وجدانياً به من جهة أخرى.
وتحتوي مائدة الإفطار على العديد من الأطباق الرئيسية المختلفة، ويُعَد طبق “البنافة” أو “طاجين” كما يسميه بعض الشعب الموريتاني، وهو الطبق الرئيسي لوجبة الإفطار في شهر رمضان، ويتكون هذا الطبق من الخضار واللحم، وأيضا يتم إعداد المخبوزات والحلويات.
وجبة “السحور”
فتتكون غالبا من الأرز والحليب، ويسميه بعضهم “كوسي”، بينما يفضل بعض منهم آخر تناول الحساء بالحليب، أو يكتفي بشربة من “المذق”.
المسحراتي في موريتانيا
لم يَعد المسحراتي الموريتاني بالصورة التي كان عليها في الزمن القديم، حيث كان شيخ مسن يمشي في الشوارع وقت السحور، ينادي بصوته الجميل، أما اليوم فقد تغير الوضع، وأصبح الشباب يحملون على عاتقهم مهمة المسحراتي، يجوبون الطرق وهم يحملون فى أياديهم أوعية معدنية للنقر عليها من أجل إيقاظ الناس على السحور.
ولوحظ خلال الفترة الأخيرة أن جيلا جديدا من “المسحراتي” بدأ في الظهور حيث يتطوع مجهولون، بالاتصال بعشرات الهواتف المنزلية كل ليلة بشكل عشوائي؛ للتذكير بوقت السحور، ويتسم هؤلاء المتطوعون بالسلوك الطيب والرزانة في القول والفعل.
ويزداد في هذا الشهر تبادل الأطباق وصلة الأرحام، وعلى الصعيد الرسمي الموريتاني تقوم الدولة بتصدير عشرات الشاحنات، التي تحمل الأرز والسكر والحليب والزبدة والقمح والتمر وغيرها من المواد الاستهلاكية إلى مختلف أنحاء البلاد المجاورة.
في هذه الليلة، يتم حرق أنواع خاصة من البخور (الفاسوخ، أو آمناس ) طردا للأرواح الشريرة، كما يتم تسخين الابر ووخز أماكن معينة في أجساد الصغار لتحاشي مس الشياطين التي تقول بعض الروايات الشعبية أنه يتم تحريرهم خلال هذه الليلة بعد أن كانوا مصفدين خلال الشهر الكريم.
تقتني ربات المنازل في رمضان أجود أنواع البخور لأنه موروث شعبي أصيل بالنسبة لهن.
مارسو هذه الطقوس وهذا الموروث الشعبي قرون من الزمن ويعتبرونه جزءا منهم.
ويقومون بهذه الأفعال تزامنا مع نزع الأغلال و الأصفاد عن الشياطين في هذه الليلة.
أيضا في هذه الليلة، يختم الموريتانيون القرآن وتمثل هذه المناسبة خصوصا لدى بعض أهل القرى والأرياف فرصة لإحضار أوانيهم وملابسهم حتى ينفث لهم إمام التراويح فيها بعد انتهائه من ختم القران ودعائه، ويحرص بعضهم على إحضار حفنة من تراب المسجد ينفث فيها الإمام، وتحتفظ بها الأسرة لتحصين وتعويذ أبنائها ضد الأرواح الشريرة.
الأحياء الفقيرة الموريتانية
يبقى الخبز مع “الفستق” كوسيلة وحيدة لإعداد وجبة “الإفطار” بالنسبة لساكني الأحياء الشعبية الفقيرة واسعة الانتشار في العاصمة “نواكشوط”، بينما يعتمدون في وجبة “السحور” على الأرز، ولا يتمكن بعضهم أحياناً من توفير وجبة للسحور سوى الحساء المعد من القمح أو الشعير، وتُعَدُّ قيمته الغذائية منخفضة،
هذا بالإضافة إلى الشاي الموريتاني كما يقال عنه باللهجة الحسانية بـ “الأتاي” ، وهو العادة الوحيدة التي يتساوى فيها الغني والفقير. وبهذا فإن الشاي الأخضر بالنعناع، هو التجربة التي لا يمكن تفويتها، ويعرف شرب الشاي في موريتانيا مثل الصحراء الكبرى بأدواره الثلاثة المعروفة باسم “ثلاث جيمات”، حيث أنه يجب عليك شرب ثلاث كؤوس ضمن الجلسة وهي أدوار “الجماعة” و”الجمر” و”الجر”.
ويفضل الأغنياء الشراب المعروف بـ”أزريك”، وهو مكون من لبن رائب ممزوج بالماء والسكر، بينما يتركز اهتمام الفقراء على شراب “البصام” ذي السعر المتواضع.
ومن الطريف لديهم تقسيم أيام الشهر المبارك؛ حيث يقسم إلى ثلاث (عشرة الخيول) و(عشرة الجِمال) و(عشرة الحمير) وهم يعنون بهذه التقسيمات: أن العشرة الأولى تمر وتنتهي بسرعة الخيل؛ لعدم استيلاء الملل والكسل على النفوس، أما العشرة الثانية فإن أيامها أبطأ من الأولى لذلك فهي تمر بسرعة الجمال… ثم تتباطأ الأيام في وتيرتها حتى تهبط إلى سرعة الحمير.
لا يجد الموريتانيون كبير عناء في توفير اللحوم حيث تتميز موريتانيا بثروتها الحيوانية التي تعتبر من أهم الموارد المحلية، ويتم تصدير الكثير منها إلى الخارج.