ليبيا

 وكالة AAC  تنشر أماكن تواجد ونفوذ الميليشيات في طرابلس ومصراتة

القاهرة – محمد فتحي الشريف

منذ فبراير عام 2011 عندما تدخل حلف شمال الأطلسي “الناتو” لإسقاط الدولة الليبية بكل مكوناتها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لم تستطع التقارير الصحافية والإعلامية أن ترصد الواقع الحقيقي الذي أصبحت عليه ليبيا، لقد نالت الفوضى والخراب والدمار كل ركن من أركان الدولة، فنهبت الثروات وتغيرت الخريطة الاجتماعية بشكل غير مسبوق، وسيطرت المليشيات والتجمعات الإرهابية على أغلب المناطق، وعزز ذلك الأمر مساندة دول وكيانات خارجية لتلك المجموعات في التخطيط والسيطرة والنهب والسرقات والقتل خارج إطار القانون الذي غادر ليبيا بعد أن دخلها “الناتو”، فتشكلت المليشيات بمسميات مختلفة وقادة مختلفين ولكن يجمعها هدف واحد وهو السيطرة على المقدرات الاقتصادية لصالح الكيانات والدول المساندة، ويبقى في ذهن المواطن الليبي مشهد واحد فقط وهو كيف كان الأمن في ليبيا وكيف أصبح الآن.

في هذا التقرير سأحاول رصد أجزاء من خريطة المليشيات المسلحة التي تسيطر على الغرب الليبي وتحديدا في “طرابلس ومصراتة” والتي تقوض مساعي المجتمع الدولي لفرض الأمن والسلم في ليبيا.

الأسماء مختلفة والمهمة واحدة

على اختلاف الأسماء تبقى المهمة واحدة، ففي طرابلس سيطرت عدة مليشيات، وفرت لها تركيا الدعم السياسي والعسكري مقابل أموال طائلة تدفع لهذا التوجيه والتخطيط من أقوات الشعب الليبي من خلال توجيه مباشر من حكومة فايز السراج، التي استغلت الشرعية الدولية لتكون غطاء لتلك المجموعات المسلحة التي تنتهج نهج الجماعات الإرهابية ولكن في صورة شرعية وهو الخطر الذي يجعل إعادة العملية الأمنية في الغرب الليبي تحتاج مجهودا دوليا ووقتا طويلا، وأعتقد أن هناك بعض الأجسام الحالية التي تعمل تحت غطاء السلطة التنفيذية الجديدة تضم عناصر مليشياوية سوف تعرقل مساعي توحيد المؤسسة العسكرية مستقبلا.

تضم العاصمة طرابلس وضواحيها حوالي “50” مليشيا مسلحة بها أعداد كبيرة، كما تضم أيضا عددا من المليشيات الصغيرة وتنظيمات إرهابية مسلحة تابعة لمدن مصراتة والزاوية علاوة على تشكيلات مسلحة من المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا لدعم السراج ومساندة بعض المليشيات المتطرفة.

 أولا: أبرز المليشيات في “طرابلس”

  • قوة الردع الخاصة

هي مليشيات مسلحة، يبلغ عدد مسلحيها نحو 5000 عنصر، وتضم تلك القوة حوالي 2000 عنصر مسلح ومدرب بشكل عال، وتسيطر على شرق العاصمة طرابلس، وهي أكثر المليشيات تنظيما وتسليحا.

التنظيم والتسليح

وتعد قوة الردع الخاصة، وهو تشكيل مسلح بارز تكون في عام 2012 بطرابلس، واتخذ من قاعدة معيتيقة العسكرية مقرأ أساسيا له.

تشكلت قوة الردع من بقايا عناصر مجلس طرابلس العسكري الذي تولى قيادته قائد تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج الذي سبق وأسس تنظيم القاعدة “فرع ليبيا” في عام 2011.

وبلغ عدد المنتمين لها والمسلحين بشكل حديث أكثر من خمسة آلاف مسلح متدرب تدريبا قتاليا عاليا بقيادة عبدالرؤوف كاره الذي انضم إليها في وقت سابق.

دور عبدالرؤوف كاره في قوة الردع

تولى عبدالرؤوف كاره قيادة قوة الردع الخاصة، وأحدث بها طفرة كبيرة على مستوى التدريب والتأهيل، وعلى الرغم من ادعائه بالانتساب للسلفية المدخلية (نسبة إلى الداعية السعودي ربيع بن هادي المدخلي)، إلا أن فكره الإرهابي ظهر في عدة عمليات قامت بها قوة الردع تجاه المدنيين في الغرب الليبي.

واستفاد كاره من الدورات التدريبية التي كانت تقوم بها الحكومات الليبية إلى أوروبا، إذ نقل كل الخبرات الأوروبية إلى مجموعته المسلحة.

اقتصر عمل مليشيات الردع على استهداف المدنيين وفرض مبدأ القوة على مناطق سيطرتها وإرهاب الناس، فهي لم تدخل أي معركة حقيقية مع أطراف أخرى.

 استعانة حكومة السراج السابقة بمليشيات الردع

استعانت حكومة الوفاق السابقة بقوة الردع الخاصة في مكان تمركزها وسيطرتها في قاعدة معيتيقة التي تضم المطار الوحيد بالعاصمة، وقاعدة بوستة البحرية المتاخمة لمعيتيقة، وكانت قوة الردع في عداء دائم مع المنتمين للمؤتمر الوطني السابق والمفتي المعزول صادق الغرياني.

أسباب عداء المفتي المعزول للردع

في مارس عام 2017 استطاعت مليشيا الردع طرد مليشيات المفتي المعزول الصادق الغرياني التي كانت تتبع حكومة الإنقاذ، كما سيطرت على سجن الهضبة وقامت بعمليات إجرامية ضد المعتقلين، قامت قوة الردع بارتكاب عدد من الجرائم ضد عدد كبير من المواطنين، تمتلك قوة الردع مدرعات حديثة وأسلحة متوسطة متطورة.

علاقة كاره بالمجموعات الإرهابية

كشف عبدالقادر الكيب أحد أبرز قيادات قوات الردع المقربين لكاره، الوجه الخفي لعلاقات كاره مع الجماعات الإرهابية، وتخفيه خلف السلفية المدخلية، للحفاظ على سيطرة المليشيات الإرهابية على الأرض، وإحداث انشقاقات، بين السلفيين الموالين للقوات المسلحة العربية الليبية.

 

2- الجماعة الليبية المقاتلة

هي مجموعة إرهابية مسلحة تدعمها قطر وتركيا بشكل مباشر ويتزعمها عبدالحكيم بلحاج، المقيم في تركيا منذ سنوات، وتعد الأكثر تطرفا بين المليشيات، إذ تتبع فكر تنظيم القاعدة الإرهابي.

3- كتيبة ثوار طرابلس

هي مجموعة إرهابية مسلحة وتضم حوالي 2300 عنصر مسلح، وتسيطر على المواقع الحيوية شرقي طرابلس ووسطها.

وتضم المدينة عددا من المليشيات الأخرى منها أبو سليم، والقوة المتحركة جنزور، وثوار طرابلس، وفرسان جنزور، ومليشيا 42 حرامي مليشيا المدينة القديمة.

4- لواء النواصي:

مليشيا معروفة بـ”القوة الثامنة” وتضم إرهابيين غالبيتهم من الجماعة الليبية المقاتلة، وتلعب دورا في تأمين مقارها وتحديدا مقر إقامة السراج، ويقودها مصطفى قدور، وتحظى الكتيبة بدعم مالي مباشر من مصرف ليبيا المركزي.

ويبلغ عدد المقاتلين في صفوف كتيبة النواصي نحو 1200 مقاتل يمتلكون أسلحة متوسطة، ويحظون بدعم مباشر من الإخواني الإرهابي علي الصلابي.

5- مليشيا تاجوراء أبرزها (الضمان)

وتتمركز في حي تاجوراء شرقي العاصمة وهو أحد أخطر الأحياء جراء تعدد المليشيات فيه وتصارعها الدموي شبه المستمر، ويضم عدة مليشيات موالية للسراج سابقا، أكبرها الضمان التي تم حلها وتحويل بعض رجالها إلى مسمى “قوة المهام الخاصة”.

وأيضا “رحبة الدروع” التي تعد أقوى مليشيات طرابلس وأعنفها، إذ تضم أغلب مسلحي تاجوراء، وتعرف بمليشيا البقرة، وهي على صراع دائم مع مليشيا الردع رغم ولاء كل منهما للسراج إلا أن هنالك اختلافات أيديولوجية بينهما، إلى جانب مليشيات باب تاجوراء وأسود تاجوراء.

6- الزنتان والأمازيغ

لم يكن لهذه المليشيات أهمية إلى وقت قريب، إلا أن الصراع بين أبناء المدينة والعرق الواحد زاد من أهميتها، حيث انتشر التسابق في التسليح، خصوصا أنها تحتضن قاعدة الوطية المحتلة من تركيا ويوفر أبناؤها بعض الخدمات اللوجيستية للأتراك.

ويسيطر أسامة الجويلي على غالبية هذه المليشيات ويدعمها بمرتزقة من جنسيات أفريقية، في مقابل عماد الطرابلسي مواطنه الذي حاول السراج استمالته واسترضاءه بإعطائه منصب رئيس المخابرات، إلا أنه مال فيما بعد لجبهة باشاغا بعد تقريب السراج للجويلي، وتنتشر هذه المليشيات في مناطق الخمس وأحرار زليتن ومليشيات المنطقة الغربية والتي تتكون من رجال الزنتان والأمازيغ.

7- صبراتة والعجيلات

تعاني مدن صبراتة والعجيلات وصرمان من عدة مليشيات تابعة للوفاق منذ أن انسحب منها الجيش الليبي في أبريل الماضي، وترتكب يوميا جرائم في حق الأهالي، كما قامت بضم عناصر منتمية لتنظيمات القاعدة وداعش و”أنصار الشريعة” والتي انتشرت سابقا في تلك المدن.

وتنتشر بالمدن الثلاث عدة مليشيات بأسماء مختلفة، منها مليشيات عروه والمشرقي، والمجرم المدعو الشفلوح، ومليشيا الدباشي التابعة للمدعو أحمد الدباشي التي تمارس التهريب والاتجار في البشر، وهذه المليشيات على عداء كبير لمليشيات باشاغا، وتميل لجانب السراج، حيث يرى باشاغا ضرورة التخلص منها، ترضية للمجتمع الدولي للحصول على منصب رئيس الوزراء، في حين كان السراج يضمها للأجهزة الرسمية للدولة.

8- مليشيات الزاوية

تضم المدينة عدة مليشيات ولكن أشهرها مليشيا خفر السواحل، وتتبع عبدالرحمن ميلاد الملقب بـ”البيدجا” مهرب البشر والوقود المعاقب دوليًا ويدين بالولاء للسراج، وقد ألقت مليشيات باشاغا القبض عليه.

أيضا هناك مليشيا غرفة الثوار التابعة للمدعو شعبان خليفة، ومليشيات الفار بقيادة حمد بحرون الملقب بـ”الفار”، ومليشيا الفاروق الإرهابية بقيادة محمود رجب، وجميعها موالية للسراج، في إطار المنافسة التقليدية التاريخية بين الزاوية ومصراتة.

ثانيا: مليشيات مصراتة

مصراتة الخاصرة الرخوة وباشاغا المسيطر

تعد مدينة مصراتة هي الخاصرة الرخوة في الدولة الليبية، إذ تعج بالمليشيات والمجموعات المسلحة الإرهابية، وتعد مليشيات مصراتة أكبر قوة في مدن الغرب الليبي، حيث تمتلك أكثر من 20 ألف مقاتل وآلاف العربات المسلحة ومئات الدبابات وعشرات الطائرات العسكرية، إضافة إلى مخازن للأسلحة، إذ تتلقى دعما كبيرا من تركيا وقطر، إذ تضم المدينة عددا من أنصار جماعة الإخوان الإرهابية.

يسيطر على مليشيات مصراتة وزير الداخلية الأسبق في حكومة الوفاق غير الشرعية فتحي لباشاغا، وأهم تلك المجموعات الإرهابية مليشيا المرابطين و166 والصمود ومليشيا حطين وكتيبة المرسي ومليشيا الصمود، و”مليشيا لواء المحجوب” و”مليشيا القوة الثالثة” و”مليشيا شريخان”، و”مليشيا طاجين” التي تصطف خلفه وتدفع باتجاه أن يكون رجل المرحلة المقبلة.

السراج يعين مليشيات في مناصب قيادية

وعلى الرغم من عدم قانونية تلك المجموعات الإرهابية إلا أن الصراع الذي حدث بين فتحي باشاغا والسراج قبل نهاية مدة الحكومة، خدم بشكل كبير عددا من قادة الإرهاب وجعلهم يتسللون التي السلطة التنفيذية الجديدة وحكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة مثل تعيين قائد مليشيا الحلبوص محمد علي الحداد رئيسا للأركان العامة لقوات الوفاق في عهد السراج واليوم لا يزال مستمرا مع حكومة الدبيبة، وهو مؤشر خطير على توغل المليشيات الإرهابية في المناصب القيادة في السلطة الجديدة.

أبرز مليشيات مصراتة

1- “مليشيا حطين”

ثالث أكبر المليشيات المسلحة في مصراتة، من حيث العدد ويقودها عمر محمد عظام.

2- مليشيا 166

 برزت “مليشيا 166” وقائدها محمد الحصان الذي هدد بالانشقاق عن حكومة الوفاق في وقت سابق وكشف ملفات الفساد إذا خرج باشاغا منها.

3- مليشيا الصمود

تعدّ من أكبر وأقوى المليشيات المسلحة في مصراتة وفي الغرب الليبي بقيادة الإرهابي صلاح بادي، المدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي منذ نوفمبر 2018 بتهمة زعزعة الأمن في ليبيا.

4- لواء الحلبوص

من أقوى وأكثر المليشيات تجهيزا ودعما لحكومة السراج، وتنحدر من مدينة مصراتة وتسيطر على طريق المطار وجنوبي طرابلس، ويقودها محمد الحداد الذي عينه السراج رئيسا لأركان قواته.

5- كتيبة المرسي

تعتبر من أكبر المؤيدين لوزير الداخلية السابق فتحي باشاغا الذي قام بتشكيلها وشارك بها في هجوم مليشيات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس عام 2014.

مليشيات متعددة أخرى في مصراتة مثل مليشيا لواء المحجوب، ومليشيا القوة الثالثة، وشريخان، وطاجين.

6- مليشيات زوارة

مجموعة مسلحة لها أفكار إجرامية إرهابية تهدف إلى تفكيك البلاد، وقد ارتكبت تلك المليشيات عددا من الجرائم الإرهابية خلال الفترة الماضية.

 

7- مليشيات غريان

تتكون مليشيات غريان من فصيلين مختلفين في الايدلوجية الفصيل الأول ينتهج نهج الجماعة الليبية المقاتلة ويقودها وليد اشطيه، فيما ينتهج الفصيل الثاني نهج جماعة الإخوان الإرهابية.

 

8- مليشيات الزاوية

تتكون مليشيا الزاوية من فصيل ينتهج نهج الجماعة الليبية المقاتلة، فيما ينتهج الفصيل الثاني نهج جماعة الإخوان الإرهابية بقيادة أبو عبيدة.

تلك هي أجزاء مقتضبة من خريطة المليشيات المتمركزة في الغرب الليبي والتي تم دمج بعض قادتها إلى بعض المؤسسات الأمنية في حكومة الوحدة الوطنية، وهو الأمر الذي يشكل خطرا جسيما على نجاح العملية السياسية المستقبلية التي يسعى إليها المجتمع الدولي من خلال انتخابات نهاية العام الجاري.

زر الذهاب إلى الأعلى