أكد القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، المشير خليفة حفتر أن البلاد ارهقتها المحن والأزمات المتتالية وعبث الفاسدين من عبدة الكراسي والمال الحرام ومن ينشرون الفتن ويحرضون على الكراهية ويقفون عائقا امام كل المساعي الجادة لبناء الدولة المدنية المزدهرة ويهدرون ثروات البلاد واموال الشعب دون حسيب او رقيب.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها أمام المشايخ والأعيان والمسؤولين والأهالي في مدينة أجدابيا التي زارها، اليوم الإثنين، في استقبال شعبي حافل من أعيان وحكماء وكافة التركيبات الاجتماعية بالمدينة.
وأثنى المشير حفتر على دور مدينة اجدابيا التاريخي والعظيم ووصفها بمدينة الكرامة وولادة المجاهدين والمدينة التي لا تعرف التردد في الاستجابة لنداء الوطن وتقديم قوافل الشهداء دفاعا عن الأرض والعرض في مواجهة الاستعمار سابقا وفي مواجهة الإرهاب لتكون بحق مدينة الشهداء، فضلا عن دورها الثقافي الكبير كمدينة الحكمة والشعر وفصاحة اللسان والترابط الاجتماعي بين أهلها.
وعبر القائد العام عن غبطته وسعادته للالتقاء بأهالي أجدابيا من اجل العمل بين الجيش والشعب من اجل ليبيا السلام والتسامح والحرية والامن والاستقرار.
وشدد القائد العام على ان القوات المسلحة التي قدمت التضحيات وحققت الانتصارات وارست دعائم الامن وقامت ببناء نفسها ستواصل تطوير قدراتها للقيام بدورها في الدفاع عن الوطن وحماية الشعب ومقدراته وسيكون دائما رهن إشارة الشعب ولن يتردد في اتخاذ ما يلزم دفاعا عنه
كما أكد القائد العام على أن القيادة العامة بذلت جهودا كبيرة ومضنية لتجاوز الخلافات والانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة العمل وبناء الدولة وطرقت كل الأبواب من اجل إحلال السلام والوفاق، موضحا ان قدرة القوات المسلحة على الإنجاز وايمانها بالخيار الديمقراطي في حكم البلاد وإدارة شؤونها لا يمكن المزايدة عليه او منع العسكريين من المشاركة الكاملة في العملية الديمقراطية، مؤكدا ان من عرقل العملية السياسية والمتشبثين بالسلطة ليسوا من العسكريين وان القوات المسلحة لا تنوي الانقلاب على المسار الديمقراطي.
وشدد القائد العام، على أن من يطالبون بمنع العسكريين من المشاركة هم ضعفاء وعاجزون عن المنافسة الانتخابية الشريفة في صناديق الاقتراع لان الخيار للشعب لكل من أراد المنافسة.
وأكد القائد العام أن الوضع في مدينة طرابلس يعتبر من أبرز العراقيل التي أدت إلى فشل كل المساعي للوصول إلى الحل الشامل موضحا ان استمرار هذا الوضع قد يدفع الليبيين إلى اتخاذ قرار حاسم بإدارة شؤونهم ومؤسساتهم ورسم خارطة طريقهم وتوظيف مواردهم بمعزل عن العاصمة، خاصة في المدن والقرى والمناطق التي تنعم بالأمن والاستقرار.
وأضاف القائد العام ان “المشكلة الرئيسة في طرابلس تتمثل سيطرة المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون منذ سنوات على مراكز السلطة التنفيذية. التي أصبحت هشة وضعيفة”، مشيرا إلى أن “الواجب الوطني في توجيه نداء صادق لهذه المجموعات لعلها تجد آذانا صاغية وعقلا رشيد.
وهذه نص كلمة المشير خلفة حفتر من مدينة أجدابيا:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه.
أدعوكم أيها السادة الكرام، للوقوف وقراءة الفاتحة، ترحما على شهدائنا الابرار، وعلى كل من ضحى بروحه من أجل الوطن، والدعوة لهم بالرحمة والمغفرة.
اخوتي وأهلي وأحبائي.. السلام عليكم.. السلام عليكم أهالي اجدابيا الأعزاء، مدينة الكرامة، ولادة المجاهدين العظام، المدينة التي لا تعرف التردد في الاستجابة لنداء الوطن، قدمت قوافل الشهداء، دفاعا عن الأرض والعرض في مواجهة الاستعمار، وتقدم أبطالها الصفوف، في ملحمة الكرامة الخالدة ضد الإرهاب، ودفعت الأرواح والدماء ثمنا لهزيمته، حتى اكتسبت بجدارة واستحقاق، اسم مدينة الشهداء.
واذا ذكرنا اجدابيا، لابد لنا أن نذكر معها الحكمة والحكماء، والشعر والشعراء، وفصاحة اللسان والقول السديد، والنخوة وعزة النفس، والشباب الواعد والترابط الاجتماعي بين أهلها.
أحييكم أيها السادة الكرام، واشكركم على هذا الاستقبال الحار، ولا أرى أنني بحاجة لأصف لكم مدى سعادتي بهذه الزيارة، التي كنث أتطلع اليها بكل مشاعر الحماس والغبطة والشغف، لألتقي بأهلي وأحبتي، واستعيد في هذه المدينة الغالية، أجمل الذكريات.
وقبل كل ذلك، لنعمل معا، شعبا وجيشا يدا واحدة، من أجل ليبيا العزيزة، التي لابد لها ان تنهض من جديد، بسواعد أبنائنا، وحكمة شيوخها، وتخطيط علمائها وخبرائها ومثقفيها الوطنيين، وبقوة جيشها قاهر الإرهاب، وبإمكاناتها المادية الهائلة، يعم فيها السلام، وتتصافح القلوب، وترتفع فيها رايات المصالحة والتسامح، والحرية والأمن والاستقرار، بعد أن أرهقتها المحن والأزمات المتتالية، وعبث بوحدتها ومصيرها، زمرة من الفاسدين، من عبدة الكراسي والمال الحرام، ينشرون الفتن، ويحرضون على الكراهية والبغض، ويقفون عائقا أمام كل المساعي الجادة، لبناء الدولة المدنية المزدهرة، ويسدرون ثروات البلاد، وينهبون أموال الشعب، دون حسيب أو رقيب، ودون خجل أو حياء.
جئنا أيها الاخوة الأعزاء، لنطمئنكم، ونطمئن الشعب الليبي كافة، بأن الجيش الوطني، الذي قدم التضحيات وحقق الانتصارات، وأرسى دعائم الأمن والاستقرار في غالبية البلاد، وشق طريقه بنجاح، في بناء نفسه وتطوير قدراته، وواجه تحديات كبرى، واستطاع التغلب عليا في ظروف قاسية، لن يتخلى أبدا عن أداء واجبه في الدفاع عن الوطن، وحماية الشعب ومقدراته.
وهو رهن إشارة الشعب ولن يتردد في اتخاذ ما يلزم من تدابير، يفرضها عليه الواجب الوطني، دفاعا عن ليبيا ارضا وشعبا، وحماية لها من شرور العابثين.
ولا تخفى عليكم أيها السادة الكرام، حجم الجهود المضنية، التي بذلتها القيادة العامة، بوازع الوطنية، ودافع الحرص على المصلحة العليا للوطن، من أجل التقدم الى الأمام، وتجاوز الخلافات، والانتقال من مرحلة الصراع، الى مرحلة العمل الجاد، لبناء الدولة المدنية المزدهرة، ولم تتردد يوما، في طرق كل الأبواب، سعيا منها لإحلال السلام الدائم، والوفاق الجامع، بين الليبيين الاشقاء.
وليس لنا من غاية، إلا ان نرى ليبيا قد استعادت عافيتها، واحتلت مكانتها المرموقة بين دول العالم، وسخرت ثرواتها لتحقيق التنمية الشاملة في كل الميادين، والعيش الكريم لمواطنيها.
وقد أثبتت المواقف والاحداث، قدرة القوات المسلحة على الإنجاز، وتحدي أقسى الظروف، وتخطي كل العقبات، واستعداد ضباطا وجنودها للتضحية بأرواحهم ودمائهم، فداء للوطن، وحرصهم على الدفاع عن المبادئ الديمقراطية، والتمسك بها.
ولا يمكن لأحد أن يزايد على منتسبي القوات المسلحة، في الوطنية، والإيمان بالخيار الديمقراطي في حكم البلاد وإدارة شؤونها.
ولا يمكن أيضا بأي حال، أن تنتزع من العسكريين، حقوقهم الطبيعية، في المشاركة الكاملة في العملية الديمقراطية، وهم من يواجهون المخاطر دفاعا عنها وعن الوطن.
وها نحن نرى اليوم، أن المتشبثين بكراسي السلطة مع انتهاء ولايتهم، المعرقلين للمسار الديمقراطي، ليسوا عسكريين، ولا ينتمون للمؤسسة العسكرية من قريب أو بعيد، ولو أن في نية العسكريين، ضباطا وجنودا، أن ينقلبوا على المسار الديمقراطي، لما استطاعت قوة ان تقف في طريقهم، وتردهم عن ذلك.
ان المطالبين بمنع العسكريين من المشاركة في العملية الانتخابية، يفضحون أنفسهم، ويكشفون حقيقة ضعفهم في المنافسة الانتخابية الشريفة، ويعبرون عن إدراكهم، عدم ثقة الشعب فيهم، في وطنيتهم وقدراتهم ونواياهم، ويسيطر عليهم الخوف، من أن تبقى صناديقهم فارغة، وتفيض صناديق منافسيهم من العسكريين بأصوات الناخبين، ونقول لهم: الخيار للشعب، والصندوق هو التحدي، لمن يرى في نفسه القدرة على التحدي والمنافسة.
أيها الجمع الكريم،،
لقد أكدت النتائج على الأرض، أن كل المبادرات التي تتخطى إرادة الشعب، وتتجاهل حقه في تقرير مصيره بنفسه، لن تنتهي إلا بالفشل، وأثبتت الحلول التلفيقية عدم جدواها، وأنه لا طائل من ورائها إلا إضاعة الوقت والجهد، وتفاقم الأزمات، وأنها لا تحقق إلا أهداف ومصالح أطراف، تعمل بكل طاقاتها ليستمر الحال على ما هو عليه.
ولم يعد خافيا على أحد – محليا ودوليا – أن من أبرز العراقيل التي أدت الى فشل كل المساعي الرامية الى الحل الشامل، وبناء الدولة، هو الوضع القائم في العاصمة طرابلس، مركز السلطة التنفيذية العليا في البلاد، حيث تسيطر مجموعات مسلحة خارج القانون، على الشأن العام منذ سنوات عديدة، وتفرض إرادتها وسلطتها بالقوة على كل المؤسسات التنفيذية، حتى تحولت مؤسسات الدولة في العاصمة، الى كيانات هشة، خاضعة خضوعا مطلقا لها، وأصبحت تلك المجموعات، هي السلطة المتنفذة العليا، وصاحبة القرار.
لم يعد أمام أي حكومة تباشر عملها من داخل العاصمة، وكل المؤسسات السيادية فيها، إلا أن تعد نفسها لتكون أداة طيعة في يد السلطة التي تفرض نفسها بقوة السلاح. الأمر الذي قد يدفع الليبيين من خارجها، في المدن والقرى التي تنعم بالأمن والاستقرار، عاجلا وليس آجلا إذا استمر الحال في العاصمة على ما هو عليه، قد يدفعهم الى اتخاذ قرارهم الحاسم، بإدارة شؤونهم، وبناء مؤسساتهم، وتوظيف مواردهم الطبيعية لصالحهم، ورسم خارطة طريقهم نحو النهضة والتقدم، والحرية والديمقراطية، بمعزل عن العاصمة، حتى تستقيم الأمور فيها. ولن يكون موقف القوات المسلحة حينئذ، الا داعما وحاميا لهم.
ونرى أنه من واجبنا، قبل أن تتطور الأحداث الى مرحلة التغيير الجذري في المشهد الليبي، بسبب هيمنة المجموعات المسلحة خارج القانون على العاصمة، ومؤسسات الدولة فيها، وآثارها السلبية على باقي المدن، أن نوجه نداء صادقا لتلك المجموعات، لعله يجد عندها عقلا رشيدا وآذانا صاغية.
عليها أن تبدي استعدادها للتخلي عن سلاحها، وعن موقفها وسلوكها الذي ألحق بليبيا وطنا وشعبا، ضررا بالغا، طال جميع المدن والقرى، وعرقل كل المساعي الحميدة للم الشمل، والانطلاق نحو بناء الدولة، وأن عليها أن تحترم طموحات وأماني الشعب الليبي، وحجم التضحيات التي قدمها، من أجل الحرية والكرامة والعيش الكريم. عليها أن تمتلك ما يكفي من الشجاعة والوطنية، لتعيد النظر في حساباتها، وأن تنحاز للوطن، وتضع مصلحة ليبيا فوق كل اعتبار، ونحن على يقين، بأن الشعب الليبي، سيفتح أمامها أبواب العمل الشريف، والمشاركة الفاعلة في النهضة والتقدم.
وختاما أيها السادة الكرام.. يشدنا الشوق الى لقاء أخوتكم وأحبائكم أبناء العصية بنغازي، قريبا بإذن الله، في خاتمة هذه الزيارات، التي ندعو الله أن تحقق غاياتها النبيلة، على يد القوى الوطنية، مدعومة بالحراك الشعبي، المطالب بالتغيير، الرافض للوصاية، المصمم على تقرير مصيره بنفسه، لتصحيح المسار، واختيار الطريق الذي يضمن للشعب الليبي عيشا كريما، واستقرارا دائما بعونه تعالى، ونطمئن الجميع، بأن القوات المسلحة، لن تكون إلا مع خيارات الشعب، وحامية له.
أكرر لكم التحية أيها الاخوة الافاضل، وأدعو الله أن يوفقنا جميعا الى ما فيه الخير، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.