وكالة AAC الإخبارية – طرابلس:
كشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رقما مهولا لعدد المهاجرين الذين ابتلعهم “طريق الموت” من ليبيا إلى أوروبا خلال عامين، حيث لقي نحو 2239 مهاجرا حتفهم خلال محاولتهم عبور وسط البحر الأبيض المتوسط.
وفي تقرير لها استعرضت المفوضية، شهادات لمهاجرين ناجين يسافرون عبر ليبيا إلى أوروبا، حيث أسماء، وهي شابة من بوركينا فاسو، قطعت البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا وهي حامل خلال العام 2020، في رحلة مليئة بالمخاطر، للوصول إلى ما كانت تأمل في أن يكون ملاذا آمنا لعائلتها.
ولفت التقرير إلى أن أسماء أنجبت طفلها على متن القارب، في ظل ظروف عصيبة للغاية، ثم انتهت رحلتها بمأساة عندما دفعت موجة عارمة شريكها وألقته في البحر خلال عاصفة هوجاء، فابتلعه البحر، ولم يكن في يدها ولا في يد الآخرين أي حيلة، سوى النظر إليه يغرق وهم عاجزون عن إنقاذه.
وأوصى التقرير، الذي أتى تحت عنوان “تجاهل مميت”، عمليات البحث والإنقاذ وحماية المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بإصلاح عاجل لسياسات وممارسات البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط، بهدف حماية المهاجرين المجبرين على القيام برحلة خطيرة عبر ليبيا وصولا إلى أوروبا، وصون كراماتهم وحقوق الإنسان التي يتمتعون بها.
وأشارت المفوضية إلى أن نحو 2239 مهاجرا لقَوا حتفهم بين يناير 2019 وديسمبر 2020، خلال محاولتهم عبور وسط البحر الأبيض المتوسط، لا سيما انطلاقا من ليبيا نحو إلى إيطاليا أو مالطا، كما أن أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم هذا العام.
ولفت التقرير إلى أن المهاجرين خلال رحلتهم من ليبيا إلى أوروبا “يعيشون أهوالا لا يمكن تصورها، فيعانون من الجفاف والجوع والاحتجاز التعسفي والاعتداءات الجنسية وسوء المعاملة، وفي البحر، يخاطرون بحياتهم على متن قوارب مكتظة وغير صالحة للإبحار، وغالبا ما يُتركون للانجراف هباء لعدة أيام، من دون طعام أو ماء أو رعاية طبية كافية”.
وأضاف: “أما الوصول إلى أوروبا فلا يعني بالضرورة نهاية الكابوس، فإذا ما نجحوا في الوصول أصلا، غالبا ما يواجهون الاحتجاز والتهديد بالترحيل وظروف معيشية غير لائقة وعقبات مختلفة تعيق تلقيهم المساعدة المناسبة مثل الطعام والسكن والرعاية الطبية”.
وحث التقرير السلطات الليبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته والجهات الفاعلة الأخرى المعنية على اتخاذ إجراءات حازمة وفعالة لنشر عمليات البحث والإنقاذ، ودعم عمل المنظمات الإنسانية غير الحكومية، واعتماد نهج مشترك وقائم على حقوق الإنسان لإنزال جميع الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر في الوقت المناسب.
واتهمت المفوضية سلوك حرس السواحل الليبي بـ«المتهور والعنيف»، بما في ذلك إطلاق النار على قوارب المهاجرين أو قربها، وصدمها، والعنف الجسدي ضد المهاجرين واستخدام لغة تنطوي على التهديد والعنصرية.
ونقلت الهيئة الأممية شهادة عبدول، وهو سوداني يبلغ من العمر 25 عاما، شارك في أربع محاولات مختلفة للإبحار من ليبيا قبل وصوله أخيرا إلى أوروبا، فيقول: “ليس لهؤلاء الأشخاص أي ذرة إنسانية، فهم لا يكترثون أبدا إن كنتم ستبقون على قيد الحياة أو تلقون حتفكم”، مشيرا إلى أنه في أحد مرات محاولته الوصول إلى أوروبا، اعترض حرس السواحل الليبي قاربه، وصدمه، ما أدى إلى انقلابه، وأكد أن جميع الناجين في تلك الواقعة “أُعيدوا قسرا إلى ليبيا”.
وأورد التقرير مزاعم مختلفة عن تأخر في تقديم المساعدة إلى قوارب المهاجرين المنكوبة، فضلا عن حوادث صد السلطات الأوروبية لقواربهم، مشيرا إلى تنسيق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته وحرس السواحل الليبي من جهة، وإلى عدم تقديم الطرفين أي ضمانات كافية لحقوق الإنسان تكفل إنزال المهاجرين في مكان آمن من جهة أخرى، “لا بل يسهم هذا التنسيق في نهاية المطاف في صد المهاجرين بشكل فاعل ونقلهم من المياه الدولية إلى ليبيا”.
وفي أوروبا، هناك مجموعة جديدة من انتهاكات حقوق الإنسان، حيث “يخضع الآلاف للاحتجاز المطول أو التعسفي، ولا يمكنهم الحصول على المساعدة الفورية مثل الرعاية الصحية الجسدية والعقلية والسكن اللائق والغذاء والمياه والصرف الصحي”.
ودعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه حكومة الوحدة الوطنية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساتها إلى المبادرة لإصلاح سياسات وممارسات البحث والإنقاذ، واعتماد “قنوات هجرة كافية وآمنة ومتاحة ومنتظمة”.