ليبيا

الفقيه يرد على قرار وزير الإقتصاد الذي لا يراه مناسب

متابعات

رد الدكتور محمد عبدالملك الفقيه “رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للحديد والصلب” في بيان على قرار وزير الإقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية، حيث عبر عن قلقه بشأن القرار الصادر مؤخرا بشأن تصدير الخردة.

ما جاء في نص البيان:

   بسم الله الرحمن الرحيم
بيان وتوضيح حول انعكاسات قرار معالي السيد وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية رقم 90 لسنة 2021 بشأن السماح باستمرار تصدير الخردة.

أولًا : مقدمة عامة..
تصدير الخردة الحديدية، موضوع تم تداوله منذ عقود من الزمان في أروقة وزارة الاقتصاد والتجارة بالدولة الليبية . وهو أحد المواضيع الساخنة التي كانت ولا تزال. تسعى إليها الكثير من الشخصيات الخاصة المتنفذة، ونصف الخاصة، والعامة في المجتمع الليبي والتي للأسف همها الوحيد هو الثراء الفاحش على أكتاف المواطنين البسطاء.

كانت هناك الكثير من المحاولات والضغوطات على أمانات ووزارات الاقتصاد المتعاقبة طيلة العشرين سنة الماضية، وربما كانت المحاولة الأكبر والأقرب إلى النجاح في انتزاع إذن التصدير، خلال النظام السابق، قد تمت لإحدى الشركات التي كان ملاكها  ذوا حظوة ونفوذ كبيرين مع مراكز القوة في النظام السابق. إلا أن السلطات المختصة  في ذلك الوقت قد فطنت، أو قد تم تنبيهها إلى المآلات السيئة والنتائج الخطيرة  لمثل هذا القرار. فأوقفت تنفيذه، ولم تفلح جميع المحاولات اللاحقة في ذلك الوقت.

نستعرض هنا بعض الانعكاسات السلبية لهذا القرار، الذي أعطى الإذن باستمرار عملية تصدير الخردة؛ وذلك على صناعة الحديد والصلب في ليبيا وعلى البلاد بصورة عامة:

1- الشركة الليبية للحديد والصلب،  باعتبارها الشركة الأولى في صناعة الحديد والصلب في ليبيا، ومنذ دراسات الجدوى الاقتصادية لهذه الصناعة في السبعينيات من القرن الماضي، كانت الدراسة مؤسسة على استخدام نسبة 20-25% من المواد الخام كخردة محلية وبأسعار منخفضة مقارنة بأسعار خامات الحديد؛ لتسهم في تخفيض كلفة الإنتاج بدلا من الاعتماد على الخامات المستوردة 100٪؜ . وبذلك فإن عدم استخدام هذه النسبة أو ارتفاع أسعار الخردة سيؤدي الى آثار سلبية على تكاليف الإنتاج ومن ثم على تسعيرة منتجات الصلب في السوق المحلي.
 
2-هناك الكثير من شركات صناعة الحديد والصلب المحلية التابعة للقطاع الخاص التي تعتمد في مدخلاتها على الخردة الحديدية بالكامل، وبالتالي فإن عدم توفر هذه المادة أو ارتفاع أسعارها سيؤدي في الغالب إلى توقف هذه المصانع لعدم قدرتها على الاستمرار في الإنتاج  أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج لديها.

3- فتح باب التصدير، بالإضافة إلى تسببه في ارتفاع أسعار الخردة الحديدية؛ فإنه سيؤدي أيضا إلى تصدير كافة الأنواع عالية الجودة من الخردة وحرمان المصانع المحلية منها، كما حدث خلال الفترة الماضية عندما فُتح باب التصدير، فلم يتبقَ من الخردة بالسوق الليبي إلا “القمامة” وهي الخردة الخفيفة السيئة والتي يعجز التجار عن تصديرها.
 
لذلك..فإنَّ السماح بالتصدير سيحرم الشركة الليبية للحديد والصلب وشركات القطاع الخاص من هذه المادة المهمة، أو يجعل استخدامها غير اقتصادي لسوء جودتها.

4-الشركة الليبية للحديد والصلب، وفقًا لخطة الإنتاج لسنة 2021م ، وبناءً على ارتفاع الأسعار العالمية لخامات الحديد؛ أخذت في الحسبان استخدام نسب عالية من الخردة وصلت خلال المدة الاخيرة إلى 40٪؜ ؛ وذلك في إطار تقليل كلفة الإنتاج وتقليل استخدام الخامات المستوردة. 

وكنتيجة لقرار السيد وزير الاقتصاد باستئناف تصدير الخردة، ورغم رفع أسعار شرائها إلى 1500 دينار للطن، إلا أن عزوف التجار عن البيع للشركة قد تسبب في استنفاذ مخزونها؛  مما أدى إلى تدني عمليات إنتاج الصلب السائل ومن ثَم إنتاج عروق الصلب إلى حدود متدنية جدا خلال الاسبوع المنصرم ؛ الأمر الذي ستكون انعكاساته سيئة على كميات المنتجات النهائية المعروضة في السوق المحلي، أو ربما اضطرار إدارة الشركة إلى توجيه منتجاتها المحدودة للبيع في الأسواق الخارجية؛ لتحسين ميزان الإيرادات أمام ميزان التكاليف المرتفع بسبب تدني الإنتاج، وذلك للفارق الكبير لأسعار البيع بالسوق الخارجي مقارنة بالسوق المحلي.

5-إن فتح باب تصدير الخردة، وفي ظل ضعف وهشاشة الدولة والأجهزة الرقابية، فإنه سيؤدي إلى كوارث من خلال قيام الكثير من الأفراد الذين يقومون على تجميع الخردة بسرقة كافة المواد والمعدات والتجهيزات الحديدية مثل غرف وأغطية تفتيش منظومات المياه والمجاري، وأبراج وأسلاك الكهرباء والمحولات الكهربائية والمحركات ومعدات وتجهيزات الكثير من المصانع ومعسكرات الجيش، والمرافق العامة للدولة، ومن ثم بيعها للتجار لتصديرها.

6-لابد من الأخذ في الحسبان بأن الخردة هي في الأصل ثروة وطنية مصادرها الرئيسية من معسكرات الجيش والشركة العامة للكهرباء وشركات النفط وغيرها. وبذلك فليس من المنطق السماح بتصديرها، وحتى إن تم ذلك فيجب أن يكون مقابل فرض رسوم كبيرة لصالح الدولة ( الرسوم يجب ألا تقل عن 300-400  دينار على كل طن يتم تصديره ) ، وذلك لكبح عملية التصدير من جانب، وتوجيه عملية البيع لمصانع الحديد والصلب المحلية من خلال تقليل الفارق الكبير بين أسعار البيع في السوق العالمي والتكاليف المتعلقة بالتصدير الخارجي، ومن جانب آخر  يتم استفادة الدولة من هذه الثروة  الوطنية التي هي في الأصل ملكا لها،  وليست للقطاع الخاص الذي قام بعضه بنهبها بطرق ملتوية وغير مشروعة مستغلا ضعف وهشاشة الدولة وأجهزتها الرقابية، وبالتواطؤ مع أصحاب  النفوس الضعيفة من المسؤولين ومراكز القوة والنفوذ.

7-أخيراً ، وليس آخرًا ، فان تصدير الخردة، وما ترتب عليه من ارتفاع أسعارها محليا، وعزوف التجار عن بيعها بالسوق المحلي، كل ذلك سيؤدي حتما إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بمصانع الصلب، وعلى رأسها الشركة الليبية للحديد والصلب، مما سيضطر الشركة إلى مراجعة أسعار بيع منتجاتها في السوق المحلي ورفعها لتغطية تكاليف الإنتاج الإضافية؛ الأمر الذي ستكون آثاره سيئة للغاية على المواطن البسيط الذي هو من سيتحمل وللأسف نتائج مثل هذه القرارات السيئة وغير المدروسة، وبالمقابل سيكون الثراء الفاحش لشريحة أخرى من سمان القطط على أكتاف هذا المواطن الكادح البسيط.

أخيرا..فإننا على أمل أن تقوم حكومة الوحدة الوطنية، ومن خلال وزارة الاقتصاد والتجارة، بمراجعة هذا القرار وإلغائه؛ خدمة للصالح العام.

هذا بيان وتوضيح، اللهم بلغت اللهم فاشهد، ولله الأمر من قبل ومن بعد

زر الذهاب إلى الأعلى