أكدت المستشار القانوني لفرنسا لدى الأمم المتحدة، أن المحكمة الجنائية الدولية هي ركيزة مكافحة الإفلات من العقاب على المستوى الدولي، وتلعب دورًا أساسيًا داخل النظام متعدد الأطراف
وقالت ديارا لابيل في كلمتها خلال جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع في ليبيا” اسمحوا لي أن أبدأ بالتذكير بأن وجود محكمة جنائية دائمة ذات مهمة عالمية هو أمر ضروري أكثر من أي وقت مضى لتقديم مرتكبي أخطر الجرائم إلى العدالة وكسر حلقات العنف في العمل في حالات كثيرة للغاية من الأزمات”.
وأكدت الممثلة الفرنسية” دعم بلادها الكامل للمحكمة التي يجب أن تكون قادرة على التصرف باستقلالية وحيادية تامة ضمن الإطار الذي حدده نظام روما الأساسي، متابعة: يجب أن يكون مكتب المدعي العام قادراً على ممارسة صلاحياته دون إعاقة، ويسرُّنا أن عددا كبيرا من الدول الأطراف في نظام روما الأساسي ذكّرت الجمعية العامة بذلك في الآونة الأخيرة”.
وأضافت أنه: “فيما يتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1970، تذكر فرنسا بأن مكافحة الإفلات من العقاب هي أحد العناصر الأساسية في حل النزاع والمصالحة بين الأطراف الليبية، وأن محاكمة المجرمين ومعاقبتهم ضرورية لعملية المصالحة الوطنية ونجاح الانتقال السياسي ، الأمر الذي يتطلب إعادة الثقة بين الأفراد والمؤسسات”، مردفة: “وتحقيقا لهذه الغاية ، فإن التعاون الكامل من جانب جميع أصحاب المصلحة أمر بالغ الأهمية، وعلاوة على ذلك ، فإن وفاة الجناة المزعومين لارتكاب أخطر الجرائم لا يمكن أن تشكل عدالة للضحايا”.
ورحبت المستشارة الفرنسية “بتنفيذ مكتب المدعي العام في الأشهر الأخيرة لاستراتيجية التحقيق المنقحة المقدمة في أبريل 2022″، مضيفة: “وعلى وجه الخصوص ، ترحب فرنسا بزيادة الموارد وتوزيعها بشكل فعال ، فضلاً عن الجهود الرامية إلى إشراك الضحايا والشهود والمجتمعات المتضررة . ونلاحظ بشكل خاص الزيادة في عدد الموظفين المتخصصين المخصصين للتحقيق في ليبيا أو زيادة الزيارات الميدانية ، كما يتضح بشكل خاص من زيارة نائبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، نزهة شميم خان، إلى طرابلس في يونيو 2022”.
وأعربت لابيل عن ملاحظة الجهود التي يبذلها المكتب لتعزيز وتحسين التعاون مع السلطات الليبية ، والتعاون الذي ، كما يشير التقرير ، لا يزال غير كامل، كما شجعت فرنسا السلطات الليبية بشدة على التعاون الكامل مع مكتب المدعي العام ، ولا سيما فيما يتعلق بالحصول على الوثائق اللازمة للتحقيقات أو إصدار التأشيرات التي يطلبها مكتب المدعي العام.
وشددت لابيل على ضرورة التحقيق والملاحقة القضائية في أخطر الجرائم المرتكبة في ليبيا منذ 2011 ، بما في ذلك الجرائم التي ارتكبها داعش، والجرائم ضد المهاجرين واللاجئين، متابعة أن المساعدة المقدمة إلى مكتب المدعي العام في هذا الصدد من قبل المنظمات الدولية والإقليمية ، وكذلك من قبل ممثلي المجتمع المدني الموجودين في ليبيا ، لا تقدر بثمن، وفي هذا الصدد ، نرحب بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والشرطة الأوروبية.
وأعربت الممثلة الفرنسية عن الشعور بقلق عميق إزاء الاعتقالات التعسفية وحالات الاحتجاز غير الإنسانية، وأكدت: “يجب على السلطات المسؤولة عن أماكن الاحتجاز المعنية أن تفتح على الفور إمكانية الوصول إليها للمراقبين والمحققين الدوليين، وحالات الاختفاء القسري والعنف الجنسي التي أبلغ عنها المكتب غير مقبولة بالمثل، والمهاجرون واللاجئون معرضون بشكل خاص لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها المليشيات والمُتجِرون، وكل من يحرض أو يرتكب مثل هذه الجرائم اليوم يخضع للملاحقة القضائية، ولا تزال مكافحة الاتجار بالبشر أولوية بالنسبة لفرنسا”.
كما عبرت عن قلق فرنسا إزاء القمع المتزايد ضد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ، فضلاً عن الضغط الموجه إلى القضاة والمحامين ، والذي يتعارض مع احترام سيادة القانون ويعيق أي ترسيخ للنظام الديمقراطي في ليبيا، مؤكدة أن فرنسا ستظل متحمسة من أجل ليبيا مستقرة وآمنة ومستقلة وذات سيادة وموحدة، مواصلة: “يُعد التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 ضروريًا لاحترام حقوق الإنسان وتحقيق الاستقرار الدائم في البلاد، وإن الوجود المطول للقوات الأجنبية والمرتزقة والمليشيات غير الشرعية يغذي العنف والإفلات من العقاب”.
وأيدت المستشارة الفرنسية تمامًا الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة ، تحت رعاية الممثل الخاص عبد الله باثيلي ، من أجل الوصول إلى حل قابل للتطبيق للصراع الليبي ، الأمر الذي يتطلب تشكيل هيئة تنفيذية موحدة قادرة على الحكم في جميع أنحاء البلاد، وأن الانتخابات هي السبيل الوحيد لاستعادة شرعية سياسية دائمة لا جدال فيها.