ليبيا

تقرير يرصد الجولة الفاشلة للحوار السياسي الليبي حول القاعدة الدستورية

محمد فتحي الشريف 

انطلقت من جديد يوم الأربعاء الماضي جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي الافتراضية، التي استمرت يومين، لبحث القاعدة الدستورية المنظمة للعملية الانتخابية المقرر لها في 24 ديسمبر المقبل.

وتأتي تلك الفعالية الافتراضية وفقا لإعلان بعثة الأمم المتحدة في وقت سابق من شهر أبريل الماضي، عن إعداد مقترح لقاعدة دستورية تمهد الطريق لإجراء الانتخابات المقبلة، إذ أصدرت اللجنة حينها بيانا جاء فيه: اتفقت اللجنة على مقترح لقاعدة دستورية سيعرض على ملتقى الحوار السياسي، ولم تكشف اللجنة وقتها عن مضمون القاعدة الدستورية، لكنها أكدت أنها أحيطت علماً بالقضايا الخلافية بشأن بعض القضايا التي ستحال إلى ملتقى الحوار السياسي الليبي للبت فيها.

 

وكانت البعثة الأممية قد أنشأت نهاية عام 2020، لجنة قانونية تضم (18) من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الذين بلغ عددهم (75) شخصا اختارتهم البعثة الأممية وسط رفض من القوى السياسية في الداخل الليبي بسبب انتماء معظمهم إلى جماعة الإخوان وبعض أنصار المجموعات المسلحة، وسط تجاهل من استيفاني ويليامز مسؤولة البعثة الأممية وقتها، وبعد فرض المجموعة على الشعب الليبي، انطلقت الجلسات في تونس وانتهت في جنيف، وتهدف المجموعة المجتمعة افتراضيا إلى متابعة مناقشات اللجنة الدستورية المشكلة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وتقديم التوصيات بغرض المساعدة، ومن بينها مقترح الترتيبات الدستورية المناسبة المؤدية للانتخابات.

 

يان كوبيش يحذر: أي عرقلة للعملية السياسية وتعطيل إجراء الانتخابات غير مقبول

وكانت البداية مع كلمة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لدعم العملية السياسية في ليبيا «يان كوبيش»، الذي أكد خلالها على أمله في وصول المجتمعين افتراضيا إلى تفاهم حول القاعدة الدستورية التي ستتم بها العملية الانتخابية.

وقال «كوبيش»: «نأمل ونتوقع مساهمة أعضاء ملتقى الحوار السياسي ومداولاتهم وأفكارهم ومقترحاتهم في زيادة بناء الإجماع المطلوب على مسودة موحدة للقاعدة الدستورية لانتخابات 24 ديسمبر، ليتم اعتمادها من قبل مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة.

وأضاف المبعوث الأممي قائلا: «عيون الليبيين ترنو إليكم مع توقعات كبيرة بأن يخرج اجتماعكم هذا بما هو مطلوب للاستجابة لتطلعاتهم العارمة»، محذرا في الوقت ذاته من عرقلة عملية الانتخابات تحت أي ذريعة حسب قوله.

وأوضح «كوبيش»: «أي عمل أو أي قرار تحت أي ذريعة، أو بناءً على أكثر الحجج منطقية حتى، من شأنه عرقلة أو تقويض عملية الانتقال السياسي ويضع عقبات وعوائق في طريق إجراء الانتخابات، وهو غير مقبول وسيتم تقييمه على هذا النحو من قبل الشعب الليبي».

وأختتم قائلا: «أحثكم على التركيز على ما يوحدكم لا على ما يفرقكم، وأن تضعوا نصب أعينكم تطلعات ملايين الليبيين الذين وضعوا آمالهم في هذا الملتقى».

 

خلافات واضحة حول الدستور واختيار الرئيس

بعد افتتاح المبعوث الأممي للملتقى بدأت الكلمات والمداخلات التي أظهرت خلافا واضحا بين المتحدثين، ويستمر الخلاف على مدار اليومين وتنتهي فعاليات الملتقى الافتراضي دون الاتفاق على القاعدة الدستورية وانتخاب الرئيس، إذ أظهرت تلك المداخلات الخلاف بقوة، والعودة إلى النقاط التي توقفوا عندها قبل التصويت على حكومة الدبيبة ومجلس المنفي.

وعلق المبعوث الأممي على الخلاف وعدم الوصول إلى اتفاق بالقول: «إن عديد المداخلات طرحت قضايا، كما لو كانت تحاول إيجاد حلول لجميع المشاكل المتراكمة في ليبيا خلال العقد الماضي».

وأضاف «كوبيش» قائلا: «أنوي عقد اجتماعات مباشرة لملتقى الحوار السياسي الليبي خلال ثلاثة أسابيع من الآن، كي يواصل دوره المتجسد في الإشراف على إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها. وسوف نحدد الزمان والمكان المناسبين بالتشاور معكم».

وثمن كوبيش جهود المشاركين قائلا: «أرجو ألا تفهم الإشارة هنا على أنها تقليل من أحد، كان لدي شعور أحياناً بأننا لسنا في جلسة لملتقى الحوار، بل في جلسة من جلسات مجلسي الأعلى للدولة و(النواب)».

 

وتابع: «في بعض الأحيان، وبدلاً من التركيز على كيفية الوصول إلى الهدف المتمثل في تنفيذ خريطة الطريق التي أقرّها ملتقى الحوار، بمعنى خلق الظروف المواتية لإجراء الانتخابات الوطنية طُرح العديد من المداخلات والقضايا، كما لو كانت تحاول إيجاد حل لجميع المشاكل العالقة المتراكمة خلال العقد الماضي».

واختتم قائلا: «على هذا الأساس وفي ضوء قرار مجلس الأمن الذي ينيط مسؤولية توضيح القاعدة الدستورية للانتخابات وسن التشريعات بالسلطات والمؤسسات المختصة في ليبيا مباشرة، أدعو مجلس النواب، بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، لأن يرتقي إلى مستوى مسؤولياته».

 

تهكم وسخرية من تغيير المواقف

كانت تصريحات المبعوث الأممي تعكس أحاديث بعض المشاركين وتخبطهم وتغيير آرائهم بشكل واضح وملحوظ، خاصة أن أغلب من تحدثوا في الفعالية كانت لهم كلمات وأحاديث في جلسات الحوار سواء في تونس أم جنيف مسجلة صوتا وصورة، إذ تغيرت وجهة نظرهم بشكل ملفت ومثير، وهو ما يجعل المتابعين يدركون أن المواقف لم تكن لصالح الوطن إنما لصالح توجهات معينة ومصالح ضيقة.

 

اليعقوبي: مهاجمو القاعدة الدستورية متناقضون

في السياق ذاته قالت عضو لجنة ملتقى الحوار السياسي السيدة اليعقوبي، إنه على الذين هاجموا القاعدة الدستورية من الأعضاء إعلان استقالتهم من ملتقى الحوار الآن لأنهم يناقضون أنفسهم، وطالبت بالذهاب إلى التصويت العلني مباشرة لإيجاد حل في مواد القاعدة الدستورية.

 

لنقي: خارطة الطريق تنص على انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر

فيما قالت الزهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، إن خارطة الطريق التي نتجت عن الاتفاق السياسي، تنص دون لبس على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر المقبل.

وأضافت خلال كلمتها بجلسة ملتقى الحوار السياسي إن ما حدث في جلسة أمس يمثل انقلاب خارطة الطريق على الهواء مباشرة.

وتابعت: القطار انطلق من محطته منذ أن وضع الملتقى السياسي من تونس استنادا على مؤتمر برلين خارطة طريق تنص على انتخابات 24 ديسمبر، والبند السابع لدى مجلس الأمن يحق له وضع عقوبات.

وأضافت: ما رأيناه بالأمس بشأن رفض القاعدة الدستورية والدعوة إلى الاستفتاء على الدستور بمثابة انقلاب على الهواء من جهات داخلية ودولية، وشددت على التمسك بإقرار القاعدة الدستورية للانتخابات، وأردفت: صوتنا بنسبة 61 % للاتفاق عليها ولا بد من حسمها.

من جانبه علق الدكتور مصطفى الزائدي أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، في ثلاث تدوينات على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلا: على النخب الوطنية أن تنتبه إلى ذلك، رسالتي لهم، لن يعيدوا لنا بلادنا هكذا منة منهم، لقد افتكوها بالقوة ويتمسكون بها بالخداع، يحاولون إلهاءنا بطرح قضايا غير جوهرية واختلاق موضوعات خلافية مصطنعة، فليس من المعقول أن تصبح مسألة الانتخابات «التي تعني وفق المنظور الغربي، أن الشعب يختار من يحكمه» محل خلاف الشعب أو نفر من الشعب؟، علينا أن نوحد جهودنا وبرامجنا للتصدي لمحاولات إبقاء الوضع على ما هو عليه.

في القاعدة الدستورية!! خزعبلات الإخوان!!

يرفض الإخوان انتخابات رئاسية مباشرة بذريعة أن ذلك سيقود إلى الاستبداد من جانب ولأن الشعب لا يملك الوعي لفعل ذلك!! ويطالبون بالاستفتاء على مسودة دستور مرروها بالضغط، في هيئة غير دستورية تجاوزت مدتها القانونية تقريبا بضعف المدة التي حددت لإتمام مهمتها.

 

الزائدي: منطق برضك!! لكنه معكوس

وتابع الزائدي التعليق على فعاليات لجنة الحوار في التدوينة الثانية، بعنوان بالعامية «منطق برضك !! لكنه معكوس»، وقال نصا: انتخاب رئيس الدولة مباشرة من قبل الشعب وسيلة تقود للدكتاتورية!!

فالشعب جاهل وغبي «حاشا الجميع» على حد قولهم سينتخب دكتاتورا، لكن تعيين رئيس من قبل ساركوزي رئيس فرنسا الأسبق «جليل» أو من تميم بن حمد «المقريف، الكيب» أو من قبل ديبورا «زيدان»، أو من قبل ليون «السراج» أو من قبل المرأة الحديدية!! ستيفاني «المنفي، دبيبة» تعتبر ممارسة ديمقراطية

ذلك يعكس حقيقة الشعارات الخادعة التي يرفعها الغرب الراعي الرسمي للإخوان ومن في حكمهم.

 

واختتم الزائدي متابعته وتعليقه على جلسات الحوار قائلا:

تابعت ككثيرٍ من الليبيين جلسة اللجنة عبر الزووم المنقولة، واستمعنا وشاهدنا حجم الحقد الذي يتطاير شرره من عيون بعضهم، وكأنما هم إنما جاءوا من أجل استمرار لهيب الفتنة بين الليبيين الإخوة دمًا ودينًا. فبعيدا عن القاعدة الدستورية، وأطروحات الانتخابات الرئاسية ومطالبات الضمانات الدولية، التي هي في حقيقتها لطرح جدل لا أساس له واستدعاء خلاف لا سند له.. فكل مؤسسات فبراير بدءا من المجلس الانتقالي الذي سماه ساركوزي، إلى هيئة التستور أو الدستور كما يسمونها لا سند ولا شرعية دستورية لها سواء في نشأتها أو مدة عملها، ناهيك عن لجنة «أمية.. باتريك» الخمسة والسبعين الاستيفانية، التي تبحث في السند الدستوري وهي آتية من مجهولٍ وتعمل بلا ضوابط وتفرض ما تريده دون رادعٍ، بعيدًا عن كل هذا… رجال في أواخر أعمارهم وبضع شمطاوات لا ينتمين حقيقة إلى ليبيا إلا اسمًا، يعشعش الجهل والتخلف في عقولهم، يستخدمون من قبل موظفات صغار لمنع استقرار البلاد ولعرقلة توافق الليبيين، ولقطع أي طريق لعودة الأمل إلى نفوس الشعب المنهك.


البرغوثي: الدستور متروك من أربع سنوات واليوم يطلبون الاستفتاء عليه

من جانبه رفض محمد البرغوثي عضو الملتقى المساس بتاريخ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المحدد في ديسمبر المقبل، وقال: الدستور متروك منذ 4 سنوات واليوم يرفعون صوتهم طلبًا للاستفتاء عليه لتفجير الأزمات.

 

السويحلي يواصل التخبط ويتمسك بموقفه

في سياق التخبط الواضح واختلاف الرؤى والأطروحات للمشاركين قبل اختيار الحكومة والرئاسي وبعدها قال الإخواني عبد الرحمن السويحلي، عضو ملتقى الحوار السياسي، وعضو ما يسمى مجلس الدولة الاستشاري المعروف بموقفه المعرقل لإجراء الانتخابات المقبلة، خوفا من وصول بعض الشخصيات الوطنية لمنصب الرئاسة على خلاف ما يخطط له تنظيم الإخوان إنه متمسك بموقفه، وذلك ردا على اتهامه هو وبعض الرافضين لإجراء الانتخابات الرئاسية عبر الاقتراع السري المباشر.

وأضاف في كلمة له خلال الجلسة الثانية لملتقى الحوار السياسي «إن كان موقفي سيقابله تهديدات بالعقوبات ووصف بالعرقلة والانقلاب على خراطة الطريق، فأهلا وسهلًا بالعرقلة والانقلاب».

وزعم الإخواني الموالي للميليشيات أن الليبيين لن يقبلوا ترشح المشير خليفة حفتر، أو سيف الإسلام القذافي.

 

مستشار السراج: المطالبون بالاستفتاء أولا يخططون للتمديد للحكومة والطعن عليه

قال تاج الدين الرزاقي، المستشار السياسي السابق لفائز السراج، وعضو ملتقى الحوار، إن الحديث عن الاستفتاء على الدستور والحديث عن إجراءات خلاف الإعداد للانتخابات المقبلة ليس من عمل ملتقى الحوار السياسي الليبي.

وأضاف خلال جلسة لملتقى الحوار، إن المطالبين بإجراء الاستفتاء أولا قبل الانتخابات المحددة في ديسمبر المقبل، يخططون للطعن عليها لخدمة مصالحهم للتمديد لحكومتهم وقتا أطول من المنصوص عليه في الاتفاق السياسي.

وخاطب الرزاقي جماعة الإخوان وحلفاءها قائلا: «تريدون الاستفتاء ثم سترسلون 3 أشخاص إلى المحكمة للطعن فيه وتضييع الانتخابات وتمددون لمجالسكم ويكون هذا الصيف حارا جدًا على الليبيين بالسلاح».

زر الذهاب إلى الأعلى