من خلال قراءة موضوعية مستندة إلى براهين للمشهد السياسي في ليبيا منذ أكتوبر”2020″ وقت وقف إطلاق النار بشكل كامل وحتى اليوم الذي ولدت فيه حكومة ليبية موحدة لأول مرة من عشر سنوات أيضا، لاحظت عدة نقاط يجب توضيحها والتوقف عندها، لتوعية أبناء الشعب الليبي مستقبل الأحداث، حتى لا ينخدعوا في المشهد المقبل، وتصطدم بالعودة إلى المربع (صفر)، لأن المشهد الحالي من وجهة نظري خادع، المؤامرة الدولية بكل تفاصيلها لم تنته بعد، بل تأخذ إشكالا مختلفة وصيغا متغيرة، والدليل على ذلك هو الصمت المريب لجماعة الإخوان وأنصارها في الداخل الليبي والخارج لترتيبات المشهد السياسي الحالي، وهذا يعد حلقة من حلقات التآمر لإزاحة القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر من المشهد، والنيل من كل الوطنيين الذين تم إقصائهم على مدار العقد الماضي بل والزج بهم في السجون.
إن المتابع للترتيبات الدولية وردود الأفعال من جماعة الإخوان وقادة المليشيات يدرك تماما أن هناك مؤامرة جديدة فصولها أقل وتأثيرها أكثر،ولذلك سوف أضع عدة نقاط تمت في المرحلة الماضية بها تناقضات عديدة وتصرفات تكشف زيف التصريحات السياسية والخطابات الإعلامية وهي:
1- تسريع وتيرة إنجاز العملية السياسية من قبل البعثة الأممية والمجتمع الدولي ومن خلال انفراد استيفاني ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة سابقا باختيار لجنة الـ(75) وكذلك اختيار قائمة تخدم توجهات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
2- إجبار مجلس النواب على منح الثقة للحكومة المختارة،وذلك بعد وضع بند أممي خطوات نيل الثقة لا يستند إلى قانون أو دستور، وهو في حال فشل مجلس النواب سيتم عودة منح الثقة للجنة الـ(75)،وهو ما جعل أعضاء مجلس النواب مجبرين على منح الثقة حتى لا يخرج البرلمان من المشهد السياسي الحالي وتحل لجنة الـ(75) محله، والجميع يعلم أن الدستور والقانون يعد أمرا شكليا في عرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، والدليل على ذلك أنهم تعاملوا مع حكومة السراج غير الشرعية لمدة خمس سنوات على الرغم من أن مجلس النواب لم يمنحها الثقة.
3- تسويق خطاب إعلامي قوي على مستوى دولي،مفاده أن الحكومة الجديدة هي من سوف تخرج ليبيا من عنق الزجاجة وتضعها على الطريق السليم، وهو ما نجحوا فيه بامتياز.
4- تسمية الحقائب الوزارية وخلوها من منصب وزير الدفاع واحتفاظ رئيس الحكومة بالحقيبة، حتى يتم التمهيد لإقصاء القوات المسلحة العربية الليبية من المشهد من خلال خطة “ب” التي تم وضعها لتفكيك الجيش والنيل من الحاضنة الشعبية له، بعد نجاح الخطة “أ” من خلال بعض للمحرضين ودعاة الفتنة في ليبيا، والدليل على ذلك هو عدم لقاء رئيس الوزراء بالمشير خليفة حفتر حتى الآن، بالإضافة إلى الحملات المسعورة التي ترغب في خلق رأي عام مؤيد للحكومة الجديدة ومعارض للجيش الوطني، كذلك استغلال ما جاء في تقرير لجنة الخبراء المعني بليبيا ضد الجيش على الرغم من أن التقرير أدان بشكل واسع قادة المليشيات والسراج وتركيا وأردوغان.
5- تدشين حكومة الدبيبة عملها بالثناء على الدور التركي في ليبيا، وهو ما يتعارض كليا وجزئيا مع أفكار وتوجهات الوطنيين في ليبيا الذين يدركون أن تركيا محتلة وأن سعي أردوغان إلى ليبيا كان بهدف نهب الثروات والسيطرة على القرار والمقدرات فقط، وهو الأمر الذي اعتبره الكثيرون استعمارا جديدا.
6- وحتى يتم إحكام الخطة كان لابد من التقارب مع الدولة المصرية المؤثرة بشكل إيجابي في المشهد الليبي، فكانت زيارة الدبيبة للقاهرة.
7- منح الضوء الأخضر لجماعة الإخوان وأنصارها للنيل من المؤسسة العسكرية في ليبيا من خلال أبواقها الإعلامية وقنوات الفتنة وتحركات عناصرها الموجودة في بعض المناطق لضرب النسيج الاجتماعي.
8- محاولة شق الصف في القبائل الليبية مع وعد المنشقين بمزايا سياسية واجتماعية واقتصادية في المستقبل.
ونظرا لمحدودية مساحة النشر سأكتفي بهذا القدر على أمل استكمال باقي فصول المؤامرة في المقال المقبل.
الموقف الليبي النسخة الورقية