ليبيا

من الصخيرات إلى قمرت يا قلبي لا تحزن

اختتمت أمس فعاليات ملتقى الحوار الليبي المنعقد في تونس، وهي آخر محطات حل الأزمة الليبية التي أدارتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على مدار ما يقرب من عشر سنوات، وأوفدت المنظمة الدولية خلالها عددا كبيرا من المبعوثين بداية من عبدالإله الخطيب وانتهاء بنائبة المبعوث الأممي السابق غسان سلامة الذي استقال قبل عدة شهور الأمريكية ستيفاني ويليامز، وعلى الرغم من أني أكتب هذا المقال في صباح يوم الأحد أي قبل انتهاء جلسات الحوار في تونس وخروج بيان ختامي، إلا أن المتوقع أن الحوار سوف يمتد إلى جلسات أخرى، وأعتقد أن أبرز ما تم الإعلان عنه حتى اليوم هو إجراء انتخابات في ليبيا في 24 ديسمبر عام 2021 على الرغم من أن ذلك الأمر يحتاج إلى ترتيبات وتوافق وقاعدة دستورية وتنفيذ مجمل ما جاء في المسار العسكري، وهو الأمر الذي يشكك في هذا الإعلان، إذ نعتبره مجرد كلام واستهلاك إعلامي فقط لأن الواقع هو من يتحكم في المسار السياسي والعسكري والاقتصادي والدستوري وليست الأمم المتحدة والواقع الذي تعيشه ليبيا مرير.

 

لقد طافت الأمم المتحدة بالملف الليبي عقب اتفاق الصخيرات بالمغرب عام 2015 إلى العديد من العواصم والمدن الأوروبية والعربية، فحط الرحال في العاصمة الفرنسية باريس ثم العاصمة الإماراتية أبو ظبي ومدينة باليرمو الإيطالية والعاصمة الألمانية برلين والعاصمة المصرية القاهرة ومدينة بوزنيقة المغربية ومدينة الغردقة المصرية وجنيف السويسرية ومدينة غدامس وسرت في ليبيا وأخيرا مدينة قمرت التونسية، كل هذا والمشهد على الأرض مخالف تماما ولا يعكس حجم التحركات الدولية، فهناك مرتزقة جاءوا إلى الغرب الليبي من سوريا وبلاد أخرى على مدار ثلاثة أعوام بمعرفة تركيا وقطر تجاوز عددهم 18 ألفا وذلك لمساندة ودعم المليشيات الإرهابية في طرابلس ومصراتة، وهناك أسلحة وذخائر أدخلتها تركيا وقطر تتجاوز 20 مليون قطعة سلاح متنوعة.

وهناك اتفاقات باطلة وغير قانونية أبرمت بشكل منفرد بين فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي غير الشرعي والرئيس التركي رجب أردوغان وحاكم قطر تميم بن حمد آل ثاني، كل ذلك بهدف واحد وهو سيطرة تركيا ومن خلفها قطر على مقدرات وقرارات الشعب الليبي، من أجل تحقيق أهداف أردوغان التوسعية التي تساعده فيها جماعة الإخوان الإرهابية، فهو يحلم بأن يكون خليفة المسلمين ووجد ضالته في ليبيا التي تعد بوابة أفريقيا بالإضافة إلى كونها تمثل عمقا أمنيا واستراتيجيا للدولة المصرية التي يناصبها أردوغان وجماعة الإرهابية العداء بعد ثورة 30 يوليو التي قضت على أحلام أردوغان التي طالما عاش فيها أثناء حكم الإخوان لمصر، لذلك نجد الاهتمام التركي القطري بالملف الليبي وكيفية الحصول على أكثر المغانم على حساب أمن واستقرار الشعب الليبي أولا، ومصر ثانيا، ودول جوار ليبيا ثالثا.

 

لذلك كانت الدولة المصرية بقيادتها الحكيمة مدركة لكل تلك المخاطر وتتحرك في إطار سياسي سلمي يحفظ لها أمنها واستقرارها ويساعد الأشقاء في ليبيا على بناء مؤسسات قوية تحارب المليشيات والإرهاب والتطرف الذي تغذيه تركيا وقطر بشكل معلن، في ظل غياب المجتمع الدولي بشكل تام على قراءة المشهد الحقيقي في ليبيا فهناك جهات شرعية انتخبها الشعب الليبي ومؤسسات وطنية يعول عليها الشعب الأمن والاستقرار وهي المؤسسات التي يتم استهدافها بشكل مباشر من داعمي الفوضى وهما مجلس النواب والقوات المسلحة العربية الليبية.

 

وفي النهاية أقول على الرغم من التحركات السياسية المكثفة لحل الأزمة في ليبيا على المستوى الدولي والإقليمي والعربي، يظل مشهد الحل غير واضح المعالم، في ظل انحراف بعثة الأمم المتحدة عن المسار الصحيح لإيجاد توافق حقيقي بين الأشقاء، وتبقى الأزمة الليبية من الصخيرات المغربية إلى قمرت التونسية يا قلبي لا تحزن فالنتائج والمحصلة (صفر).. نخرج من أزمة إلى أزمات.. الخاسر فيها الشعب الليبي والرابح فيها الإرهاب وأنصاره.

نقلا.. عن الموقف الليبي

زر الذهاب إلى الأعلى