
وكالة AAC الإخبارية
عاد مخطط تقسيم ليبيا بسياسة فرض الأمر الواقع في البلاد، يلوح في الأفق وبقوة، بدعم من دول خارجية ومنظمات دولية، على رأسها تركيا التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى انفصال ليبيا إلى ثلاثة أقاليم طرابلس وبرقة وفزان إلى ما قبل عام 1951، في محاولة إلى إعادة الماضي البغيض من أجل نهب ثروات البلاد.
بالفعل بدأت تركيا الترويج إلى هذا المخطط، من خلال أبواقها وعملائها في ليبيا، بدعم دولي- وطرح التقسيم حلا لابد منه لتجنب مزيد من الانقسام والقتال وحتى تنعم البلاد بالاستقرار، على خلاف الحقيقة.
وقادت جماعة الإخوان الإرهابية- بدفع بعض عناصرها للترويج إلى هذا المخطط- عملية دعم إعلان التقسيم كحل جوهري للأزمة، الأمر الذي انتقده عدة مؤسسات حقوقية وإنسانية في ليبيا.
الجيش طوق النجاة
الغريب في الأمر، أن أصحاب مؤامرة التقسيم تدفع بأن الجيش الليبي هو سبب الأزمة على خلاف الحقيقة، لأنه يملك يسيطر أغلب التراب الليبي، رغم ذلك لم ينادِ مرة واحدة بتقسيم البلاد وسعها إلى توحيدها بعد أن “قاب قوسين أو أدنى” من تحرير العاصمة الليبية طرابلس، لولا تدخل أطراف دولية كبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الذي اعترف السفير الأمريكي في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” إن مهتمه الأساسية هي منع المشير خليفة حفتر من تحرير العاصمة وتوحيد البلاد، مؤكدا أن تركيا لعبت دورا بارزا في إعاقة عملية التحرير الكبرى التي أطلقها الجيش الوطني.
وقف مشروع توحيد البلاد
وقال السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، إنه اعتبر مهمته الأساسية عندما تولى منصبه في صيف 2019 أن ينهي هجوم حفتر- القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر- على العاصمة الليبية وهو ما تم فعلاً ولكن نتيجة التدخل العسكري التركي.
وأضاف نورلاند، في حوار مع جريدة “الشرق الأوسط”:” بدأت في منصبي هذا في أغسطس 2019، وما أعرفه هو أنني منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه عملي واعتبرت أن مهمتي هي إنهاء هذا الهجوم.
وتابع:” حاولنا بطرق مختلفة أن نقنع حفتر بوقف الهجوم، قدمنا مقترحات كنا نعرف أن سلطات طرابلس مستعدة لمناقشتها، مثل قضية المليشيات وتوزيع إيرادات الدولة وجماعة الإخوان المسلحين والمتشددين، لكن حفتر تجاهل كل تلك الفرص للتفاوض”.
واستطرد:” الذي غيّر الصورة في نهاية الأمر كان التدخل التركي الذي أوقف هجوم حفتر، ومن وجهة نظري لم يكن هناك أي مبرر كي يشن حفتر ذلك الهجوم، ونحن سعداء أن هجومه انتهى”.
ولفت إلى أن عددا من الأشخاص الذين اتهموا الولايات المتحدة بأنها ترسل إشارات متناقضة، كان ذلك تحدياً أن نقول: لا، لدينا بالعكس سياسة واضحة وهي إنهاء هذا الهجوم وإنتاج حل متفاوض عليه، يجب ألا ننسى أنه كانت هناك مشكلات عديدة تواجه طرابلس، المليشيات كانت حقاً مشكلة.
واختتم:” كان هناك من يعتقد ما يبرر القيام بعمل عسكري لأي سبب كان، قد يكون هناك من رأى أن هناك رسائل متناقضة من واشنطن، ولكن من الواضح أنه على مدى السنتين والنصف الأخيرتين كان جهدنا منصباً على إنهاء هجوم حفتر”.
ملامح الانفصال
بدأت ملامح الخطة تظهر بقوة، بعد أن رفض عملاء أنقرة أي حديث عن إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا واعتبروا تركيا وقواتها صاحبة حق أصيل في التواجد في البلاد، وهاجموا وزيرة الخارجية في الحكومة المؤقتة نجلاء المنقوش، بعد أن طالبت أمام البرلمان الإيطالي بضرورة إخراج المرتزقة، وإنها تواصلت مع الحكومة التركية في هذا الشأن، بما يعيق خارطة الطريق الذي ترعاه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وتقوض جهود توحيد المؤسسة العسكرية وتعرقل عمل لجنة 5+ 5 ليفتح الطريق أمام سيناريو التقسيم.
الماضي البغيض
فيما صمتت الدول الغربية على الغزو التركي المباشر للغرب الليبي إلى وجود مخطط دولي لتقسيم ليبيا الغنية بالنفط والغاز والثروات المعدنية إلى ثلاثة دول وفق التقسيم التاريخي لما قبل 1951، وهي طرابلس وبرقة وفزان.
السلطات التركية وجماعة الإخوان والقوى الجهوية في مصراتة وأطراف في حكومة الوفاق متورطة في العمل على تنفييذ هذا المخطط.
ولم تعرف ليبيا إسمها الحالي إلا في العام 1934 عندما سعت إيطاليا الى توحيد مستعمراتها الثلاثة : برقة وطرابلس وفزان.
وأطلقت عليها إسم ليبيا الذي إستدعته من مراجع التاريخ، حيث كانت تسمى قبائل المنطقة الواقعة بين غرب مصر والمحيط الأطلسي بقبائل الليبيو البربرية ، ثم أطلق إسم الحضارة الليبية على الإندماج بين السكان المحليين والمهاجرين الفينيقيين
وبعد هزيمة المحور في الحرب العالمية الثانية خضع إقليم برقة للوصاية البريطانية، وإقليم فزان للوصاية الفرنسية ، وبقي إقليم طرابلس تحت الوصاية الإيطالية ، وفي الأول من يونيو 1949 إعلنت إمارة برقة إستقلالها بزعامة الأمير إدريس السنوسي ، و في 21 نوفمبر 1949 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا اقترحته وفود الهند والعراق وباكستان والولايات المتحدة ينص أن ليبيا يجب أن تصبح مستقلة قبل 1 يناير 1952. فصوت لصالح القرار 48 صوتا ومعارض وقد نص القرار على أن يوضع للدولة الجديدة في أثناء ذلك دستور تقرره جمعية وطنية تضم ممثلين عن الأقاليم الثلاثة بالتشاور فيما بينهم كهيئة واحدة ، كما نص القرار على تعيين مفوض خاص من الأمم المتحدة للمساعدة في صياغة الدستور وإنشاء حكومة مستقلة. فكان الدستور الليبي الذي اعتمد بقرار من الجمعية الوطنية وصدر بتاريخ 7 أكتوبر 1951 وفي 24 ديسمبر 1951 أعلنت ليبيا استقلالها تحت اسم المملكة الليبية المتحدة بنظام ملكي دستوري وراثي.
وقد أقرّت الدستور الجمعية الوطنية الليبية بمدينة بنغازي في7 أكتوبر 1951 ، ثم قام الملك إدريس السنوسي في 26 أبريل 1963 بالتأشير على تعديل دستور ليبيا بقانون وتأسيس المملكة الليبية ذات النظام المركزي تحت اسم المملكة الليبية وعاصمتها مدينة البيضاء وبهذا كانت ليبيا الدولة الوحيدة على مر التاريخ التي غيرت نظامها من النظام الفيدرالي الي النظام المركزي، ولكن بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي في العام 2011 ، عادت النزعة الانفصالية لدى بعض الأطراف الداخلية بتشجيع من قوى أجنبية ، لكنها قوبلت برفض شعبي عام، فخططت جماعة الإخوان لوضع يدها على كامل البلاد، وعندما فشلت تمسكت بإدارة الحكم في العاصمة عن طريق مليشيات مسلحة وجماعات إرهابية ، وما إن إقترب الجيش الوطني من تحرير المنطقة حتى إلتجأ الإخوان للنظام التركي ليتدخل بالمرتزقة والسلاح من أجل تكريس المشروع الإخواني في طرابلس.
الترويج للتقسيم
ومن جانبه قال أحمد الروياتي، الذي تقدمه قنوات «الإخوان» بـوصفه «محلل سياسي»، إن الخلاف الذي سُطر بالدم بين الشرق والغرب، أصبح من الصعب تجاوزه أو نسيانه، على حد تعبيره.
وأضاف أحمد الروياتي- أحد أبرز المدافعين عن «باشاغا»- في منشور له، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن طريق الانفصال صار الأقرب لتحقيق السلام الشامل شئنا أم أبينا، خاصة أن قوى كبرى تجرنا لهذه النتيجة، وإن أنكرو وأنكرنا.
فضح مناهج الجماعة
فيما قال أحمد حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إن حزب العدالة والبناء الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ، لا يمكن التعويل عليه في الوصول إلى حل سياسي أو توافق وطني حقيقي أو المشاركة في بناء دولة القانون والمؤسسات ولا يمكن أو يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الوطني وبناء جيش وطني لليبيا أو اصلاح قطاع الأمن ، ولن يسهم في الوصول إلى إجراء الانتخابات العامة في البلاد المقرر لها أن تجري في 24 ديسمبر المقبل.
وأضاف حمزة في تدوينة على حسابه الرسمي بموقع فيسبوك، ولن يسهم في إنجاح أعمال اللجنة العسكرية المشتركة من خلال إجلاء المرتزقة الأجانب من على الأراضي الليبية ، لأن هذا الحزب ومن وراءه تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا ، لا يمكن أن يتعايشو مع حالة الدولة والاستقرار والمصالحة والسيادة الوطنية ، ولا يتعايشون إلا مع حالة الفوضي والانقسام والتناحر والتشرذم وحالة الفراغ الأمني واستمرار حالة سيطرة الجماعات والتشكيلات المسلحة التي من بينها الاجنحة العسكرية التابعة لها.
واستطرد، هذا الحزب لن يقبل بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة لطالما لم يعيد تنظيم صفوفه وتجهيز نفسه وهو يعي جيدا أنه ليس لديه قبول ولا شعبية في الشارع الليبي وحتما ستكون النتيجة خسارتهم أي انتخابات قادمة ولهذا لن يكونوا داعمين لتحقيق هذا الخيار والمطلب الرئيسي للشعب الليبي ، حزب العدالة والبناء لا يتعايش إلا في بيئة الحروب والانقسام والفوضى والفساد ، لأنه مثل البكتريا التي لا تتعايش إلا على الجروح الملتهبة التي تأخر علاجها .