إن اختزال الديمقراطية في صندوق الانتخاب يعد تسطيحًا مخلاً لمفهوم الديمقراطية، وفي ظل المجتمعات المنقسمة والبلدان المتشظية والدول الفاشلة وما يصاحب ذلك من انفلات أمني وغلبة قانون القوة على قوة القانون، يصبح الحديث عن الانتخابات وتداول السلطة والحريات العامة ضرباً من الخيال.
ليبيا بحاجة للعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية، والقضاء على فوضى السلاح، بعدئذ يصبح الحديث عن الانتخابات كأحد مظاهر الديمقراطية له معنى… ولابد أن يسيطر طرف واحد على السلطة ممتلكاً عوامل القوة التي تؤهله لقيادة البلد نحو بر الأمان وحينها تكون الديمقراطية مطلبًا شعبيا قابلاً للتجسيد واقعاً ملموساً على أرض الواقع.
وإذا افترضنا أنه أُجريت انتخابات رئاسية وفاز مترشح بالمنصب، فهل سيصطف قادة المليشيات لتحيته ويبارك بقية المترشحين فوزه؟!، وتعترف التيارات والأحزاب والقبائل والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت ومنظمات المجتمع المدني والثوار والجيش والأجهزة الأمنية والدول المتدخلة وبارونات الحرب وتجار الأزمات وأثرياء التهريب جميعهم بنتيجة الانتخابات؟!.
ويتحول المجتمع من حالة الاحتراب والعداء والتفتت إلى محتمع مسالم تخضع فيه الأقلية للأغلبية وتمتثل للقوانين والأنظمة المعتمدة فور إعلان نتيجة الانتخابات؟!، لا اعتقد، قد أكون على خطأ في التشخيص وواقعي أكثر من اللازم حتى لا أقول متشائمًا.
من هو المترشح الذي يمكنه أن يجوب ليبيا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ويلتقي بناخبيه ويسمح لفريقه الانتخابي برفع لافتاته وتعليق صوره وتوزيع برنامجه بحرية في ساحات وميادين البلاد؟!، هذا قبل موعد الانتخابات.. وإذا فاز، فمن سيضمن سلامته ويمكنه من إدارة الدولة؟، ما لم يعقد صفقات مع التشكيلات المسلحة، ونعود بالزمن لماقبل الانتخابات… ونترحم على زمن السراج والدبيبة.