عين على ملف الهجرة، ودعم ثابت لتحقيق الاستقرار، و استعداد للتعاون مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية لدعم المراحل المقبلة من العملية السياسية، هي أبرز ملامح دور إيطاليا في ليبيا، مع تحركات مكثفة وزيارات للمسؤولين الإيطاليين ما يشير لرغبة روما في العودة بقوة للملف الليبي و منطقة المتوسط عموماً.
وأنفقت إيطاليا على بعثاتها في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط منذ عام 2017 إلى اليوم نحو مليار يورو ( 962 مليوناً). وصدق مجلس النواب الإيطالي في شهر يوليو الماضي على مقترح الأغلبية بتمديد عمل البعثات العسكرية في الخارج كما رفض في تصويت مستقل مقترحا يقضي بوقف الدعم لقوات خفر السواحل الليبي قدمه حوالي ثلاثين نائبا.
وسيكون للبعثة الإيطالية الثنائية للمساعدة والدعم في ليبيا (ميازيت) التي تتضمن مساعدة صحية ومهام تدريبية بشكل أساسي انتشار بحد أقصى 400 وحدة وبمتوسط وجود 200 وحدة، بينما انخفضت المركبات البرية من 130 إلى 69 و زادت المركبات البحرية في إطار مهمة “إيريني” الأوروبية البحرية بقيادة الأدميرال الإيطالي فابيو أجوستيني من 517 إلى 596 وحدة، كما تشمل المهمة أيضًا دعم البحرية الليبية.
روما تشدد هذه الأيام بشكل خاص على أهمية ضمان إجراء الانتخابات الوطنية الليبية في 24 ديسمبر المقبل، فضلاً عن الالتزام بدعم عملية المصالحة الليبية الداخلية، بما في ذلك في فزان.
كما تؤكد إيطاليا على الحفاظ على النتائج المهمة التي تحققت حتى اليوم في مجال الأمن من قبل اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) وترى من الضروري تحقيق التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، بدءا من انسحاب جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا.
وعلى المستوى السياسي، كانت التحركات الإيطالية مكثفة بشكل ملحوظ هذا العام مع زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو ليبيا خمس مرات خلال العام كان آخرها في 2 أغسطس، فالقناة الإيطالية مفتوحة دائماً مع العاصمة الليبية طرابلس وحكومة الوحدة الوطنية ومع برقة أيضاً.
كما كانت هناك زيارات مماثلة لليبيا لمسؤولين بالحكومة الإيطالية كرئيس الوزراء ماريو دراجي ووزيرة الداخلية لوتشانا لامورجيزي ووزير الدفاع لورينزو جويريني، ما يؤكد على إصرار روما على الالتزام لصالح الاستقرار في ليبيا.
الخطوة اللافته للنطر في التحركات الإيطالية في الملف الليبي هي تعيين مبعوث خاص لروما، حيث عينت الأخيرة في يناير الماضي السفير باسكوالي فيرارا مبعوثا خاصا لوزير الخارجية لويجي دي مايو، لكن لم يستمر فيرارا في منصبه كثيرا لتعين روما في شهر مايو الماضي السفير نيكولا أورلانوا مبعوثا لها في ليبيا. ويبدو أن أورلانوا يتبع نهج الدبلوماسية الهادئة حيث لم يخرج بتصريحات صحفية تقريباً ولم يتحدث عن ملامح مهمته، لكنه زار القاهرة مؤخراً وناقش تطورات الملف الليبي مع مسؤولين هناك، كما توجه في أغسطس مع دي مايو لليبيا لتشجيع دعم مؤسسي للعملية السياسية. ولروما سفير في طرابلس هو جوزيبي بوتشينو وقنصل في بنغازي هو كارلو باتوري.
الحكومة الإيطالية طالما دعمت العملية السياسية في ليبيا بتصميم واضح، حيث استضافت هذا العام اجتماعات لوفدى مجلس النواب الليبى والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مستفيدين من المساعدة الفنية لبعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، في مبادرة تأتي في إطار الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق مؤسسى حول تحديد الإطار القانوني الذي يسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 ديسمبر.
ملف الهجرة محوري أيضاً بالنسبة لروما فليبيا هي بلد عبور للتدفقات المهاجرة، فيما تجرى مناقشات حالياً حول المشروع المشترك لزيادة القدرة التشغيلية للسلطات الليبية من أجل السيطرة على الحدود الجنوبية للبلاد، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة. فإيطاليا موجودة أو تحديداً تحاول لأن تكون موجودة كمحاور موثوق وحاضر في المنطقة.